للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "فقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. يقوي ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار (١)، عن عبيد بن عمير الليثي (٢)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: اقرأ. فقلت: ما أقرأ؟ فغتَّني حتى ظننتُ أنه الموت ثم أرسلني». وذكر نحو حديث عائشة سواء؛ فكان هذا كالتوطئة لما يأتي بعده من اليقظة، وقد جاء مصرِّحًا بهذا في مغازي موسى بن عقبة عن الزهري، أنه رأى ذلك في المنام ثم جاءه الملك في اليقظة (٣).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وإن ثبت مرسل عبيد بن عمير أنه أوحى إليه بذلك في المنام أولًا قبل اليقظة أمكن أن يكون مجيء الملك في اليقظة عقب ما تقدم في المنام» (٤).


(١) ابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق بن يسار، رأى أنس بن مالك بالمدينة، وحدث عنه الحمادان والثوري، وأبو عوانة وغيرهم، اختلف العلماء في توثيقه، ورمي بالتشيع والقدر وهو مدلس (٨٠ - ١٥٢هـ) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد (٧/ ٣٢١) التاريخ الكبير (١/ ٤٠) التهذيب (٩/ ٣٨) وسير أعلام النبلاء (٧/ ٣٣).
(٢) عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي، الواعد المفسر، ولد في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحدث عن عمر بن الخطاب وعلي وأبي ذر وعائشة وطائفة، وكان من ثقات التابعين وأئمتهم بمكة، كان يذكر الناس فيحضر ابنه - رضي الله عنهما - مجلسه، توفي قبل ابن عمر بأيام يسيرة، وقيل في سنة (٧٤)، انظر ترجمته في طبقات ابن سعد (٥/ ٤٣٦)، وطبقات خليفة ص (٢٧٩)، والتاريخ الكبير للبخاري (٥/ ٤٥٥)، وسير أعلام النبلاء (٤/ ١٥٦، ١٥٧).
(٣) البداية والنهاية (٣/ ٤) والسيرة النبوية لابن هشام (١/ ٢٦٨).
(٤) فتح الباري (١/ ٢٣).

<<  <   >  >>