للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول النووي - رحمه الله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي». هذا من خصائص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وسبق في حديث نومه - صلى الله عليه وسلم - في الوادي؛ فلم يعلم بفوات وقت الصبح حتى طلعت الشمس (١)، وأن طلوع الشمس متعلِّقٌ بالعين لا بالقلب (٢).

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة رضي الله عنها: «أريتك في المنام مرتين، إذا رجل يحملك في سرقة (٣) من حرير فيقول: هذه امرأتك فاكشفها. فإذا هي أنت». فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه» (٤).

فمما لا ريب فيه أن رؤيا الأنبياء عليهم السلام حق، وعلى هذا اختلف العلماء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن يكن هذا من عند الله يمضه».

فذهب القسطلاني إلى أن مراده: إن تكن هذه الرؤيا على وجهها؛ بأن لا تحتاج إلى تعبير وتفسير - يمضها الله، وينجزها؛ فالشك عائد إلى أنها على ظاهرها أو تحتاج إلى تعبير (٥).

وقال الكرماني: يحتمل أن تكون هذه الرؤيا قبل النبوة، وأن تكون بعدها وبعد العلم؛ فإن رؤياه وحي؛ فعبَّر عما علمه بلفظ الشك ومعناه اليقين إشارةً إلى


(١) سبق تخريجه (٨٨).
(٢) شرح مسلم للنووي (٦/ ٢١).
(٣) هي الشقق من الحرير الأبيض خاصة، قال أبو عبيد في غريب الحديث (٤/ ٢٤١).
(٤) صحيح البخاري، كتاب التعبير ٢٠ - باب كشف المرأة في المنام (٧٠١١) (٤/ ٣٠٢) ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة ١٣ - باب فضل عائشة رضي الله عنها (٢٤٣٨) (٤/ ١٨٨٩).
(٥) انظر: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (١٠/ ١٤٣) الطبعة السادسة دار الفكر، بيروت.

<<  <   >  >>