للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: أن هذا الاختلاف بحسب اختلاف رؤيا الأنبياء.

قال ابن حزم رحمه الله: وقد تخرج هذه النسب والأقسام، على أنه عليه السلام إنما أرد بذلك رؤيا الأنبياء عليهم السلام، فمنهم من رؤياه جزء من ستة وعشرين جزءًا من خصائصه، وفضائله، ومنهم من رؤياه جزء من سبعين جزءًا من نبوته، وخصائصه وفضائله، وهذا هو الأظهر، والله أعلم، ويكون خارجًا على مقتضى الحديث بلا تأويل ولا تكليف (١).

ولكن هذا التوجيه مع أنه لا دليل عليه وفيه تكلف، فهو أيضًا لا يستقيم, لأنه يجعل الرؤيا الصالحة خاصة بالأنبياء وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «رؤيا المؤمن».

القول الرابع: أن هذا الاختلاف بحسب خفاء الرؤيا وجلائها.

قال المازري رحمه الله: وقيل إن المنامات دلالات، والدلالات منها خفي، ومنها ما هو جلي، فما ذكر فيه السبعون أريد به أنه الخفي منها، وما ذكر فيه الستة والأربعون أريد به الجلي منها (٢).

وقال ابن أبي جمرة رحمه الله: إن النبوة جاءت بالأمور الواضحة، وفي بعضها ما يكون فيه إجمال مع كونه مبينًا في موضع آخر، وكذلك المرائي فيها ما هو صريح لا يحتاج إلى تأويل، ومنها ما يحتاج فالذي يفهمه العارف من الحق الذي يعرج عليه جزء من أجزاء النبوة، وذلك الجزء يكثر مرة، ويقل أخرى بحسب فهمه، فأعلاهم من يكون بينه وبين درجة النبوة أقل ما ورد من العدد، وأدناهم الأكثر من العدد، ومن عداهم ما بين ذلك (٣).


(١) الفصل (٥/ ١٢٥).
(٢) المعلم (٣/ ١١٨).
(٣) بهجة النفوس (٤/ ٢٤٠) وفتح الباري (١٢/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>