للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "ويمكن أن يؤخذ من هذا سبب اختلاف الأحاديث في عدد أجزاء النبوة بالنسبة لرؤيا المؤمن (١).

القول التاسع: أن هذا الاختلاف من الأمور التوقيفية التي لا نعلم حكمتها.

وهذا القول هو الراجح والأقرب والأظهر إن شاء الله تعالى.

وقال بهذا القول جماعة من العلماء من المتقدمين والمتأخرين.

قال الخطابي رحمه الله: إن هذا الخبر صحيح، وجملة ما فيه حق، وليس كل ما يخفى علينا علته لا تلزمنا صحته، وقد نرى أعداد ركعات الصلوات وأيام الصيام، ورمي الجمار محصورة في حساب معلوم، وليس يمكننا أن نصل من علمها إلى أمر توجب حصرها تحت هذه الأعداد دون ما هو أكثر منها، أو أقل، فلم يكن ذهابنا عن معرفة ذلك قادحًا في موجب الاعتقاد منا في اللازم من أمرها.

وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: «إن الهدي الصالح، والسمت الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة» (٢)، وتفصيل هذا العدد وحصر النبوة به متعذر لا يمكن الوقوف عليه، وإنما فيه أن هاتين الخصلتين من هدي الأنبياء وشمائلهم ومن جملة شيمهم وأخلاقهم فكذلك الأمر في الرؤيا أنه جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة (٣).


(١) فتح الباري (١٢/ ٤٠٦).
(٢) سبق تخريجه (ص٢٣٠).
(٣) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (٤/ ٢٣١٨، ٢٣١٩).

<<  <   >  >>