للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقوال السلف رضي الله عنهم؛ قال تعالى في كتابه العزيز: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}؛ فمعنى قوله: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ} إلى كتاب الله تعالى.

ومعنى قوله: {وَالرَّسُولِ} أي إلى الرسول في حياته وإلى سنته بعد وفاته ... إلى أن قال رحمه الله: ووجه ثالث وهو أن العمل بالمنام مخالف لقول صاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث قال: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي». جعل - صلى الله عليه وسلم - النجاة من الضلالة في التمسك بهذين الأصلين الذين لا ثالث لهما، ومن اعتمد ما يراه في منامه فقد زاد لها ثالثًا (١).

وقال الشاطبي رحمه الله: وأضعف هؤلاء احتجاجًا قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات وأقبلوا وأعرضوا بها، فيقولون: رأينا فلانًا الرجل الصالح فقال لنا: اتركوا كذا، واعملوا كذا، ويتفق هذا كثيرا للمتمرسين (٢) برسم التصوف، وربما قال بعضهم: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فقال لي كذا، وأمرني بكذا. فيعمل بها ويترك بها، معرضًا عن الحدود الموضوعة في الشريعة، وهو خطأ؛ لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعًا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عمل بمقتضاها، وإلا وجب تركها والإعراض عنها (٣).


(١) المدخل (٤/ ٢٨٦ - ٢٨٧) والحديث سبق تخريجه.
(٢) التمرس: شدة الالتواء، والمراد التلعب بالدين والعبث به، والمقصود بهم هنا المقلدون للصوفية، انظر النهاية في غريب الحديث (٤/ ٣١٨).
(٣) وقد سبق في مبحث هل يسوغ العمل وفق الرؤيا الصالحة؟ وأن ذلك بشرط موافقتها للشرع؛ فالعبرة حينئذ بالشرع لا بها، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم لا يعملون بالرؤيا حتى يعرضوها على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في قصة الأذان، فإن أقرها وإلا فلا، وكذلك المؤمن لا بد أن يعرض رؤياه على الشريعة فإن وافقتها وإلا تركها، وانظر: المدخل لابن الحاج (٤/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>