للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائل: فقد ورد من حديث سمرة بن جندب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فيقول: «من رأى منكم الليلة رؤيا، فإن رأى أحد رؤيا قصها، فيقول ما شاء الله أن يقول، فسألنا يومًا، هل رأى أحدكم رؤيا» قلنا: لا، وقال: «لكني رأيت الليلة رجلين أتياني» (١).

فالجواب: أن هذا يؤيد ما تقدم ذكره أيضًا، فكانوا يرجعون إليه، عليه الصلاة والسلام، لا إلى ما رأوه فكذلك الحكم بعد انتقاله عليه الصلاة والسلام فالرجوع إلى شريعته لا إلى المرائي على ما تقدم ذكره.

فإذا عرضت الرؤيا على الكتاب والسنة فوافقت فهو حق وبشارة للرائي أو من رآه له لقوله عليه الصلاة والسلام: «لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات يراها ...» (٢).

وخلاصة الأمر كما قال الشاطبي رحمه الله: "وعلى الجملة فلا يستدل بالرؤيا في الأحكام إلا ضعيف المنة، نعم يأتي المرئي تأنيسًا، وبشارة، ونذارة خاصة، بحيث لا يقطعون بمقتضاها حكمًا، ولا يبنون عليها أصلا وهو الاعتدال في أخذها حسبما فهم من الشرع فيها والله أعلم (٣).


(١) سبق تخريجه ص ٢٥.
(٢) المدخل لابن الحاج (٤/ ٢٩٣، ٢٩٤) والحديث سبق تخريجه (٢٠٥).
(٣) الاعتصام (١/ ٢٦٤) وانظر: مناقشة الشيخ سعيد حوي للصوفية، في كتابه تربيتنا الروحية الباب الرابع عشر، في الرؤى والكشف والإلهام والكرامة ومحلها في دين الله والأخطاء الشائعة عنها وفيها وفي بعض الدوائر (٢٠٩، ٢١٠) مع التنبه لما في هذا الكتاب من أخطاء عقدية، وخاصة فيما يتعلق بالكرامات، وانظر: نقد الدكتور عبد العزيز القارئ لهذا الكتاب في كتابه، العقيدة أولا .. لو كانوا يعلمون (٤٢/ ٤٨) الطبعة الثانية (١٤٠٦هـ) مكتبة الدار بالمدينة المنورة.

<<  <   >  >>