للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتبس علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة عن صلاة الصبح، حتى كدنا نتراءى قرن الشمس، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريعًا فثوب (١) للصلاة، وصلى وتجوز في صلاته فلما سلم قال: «كما أنتم على مصافكم».

ثم أقبل إلينا فقال: «إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة، إني قمت من الليل، فصليت ما قدر لي، فنعست في صلاتي حتى استثقلت (٢) فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة، فقال: يا محمد، أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أدري يا رب، قال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا رب، فرأيته وضع كفه بين كتفي، حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شيء، وعرفت، فقال: يا محمد، فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، قال: وما الكفارات؟ قلت: نقل الأقدام إلى الجمعات، وجلوس في المساجد بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء عند الكريهات، قال: وما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام ولين الكلام، والصلاة والناس نيام، قال: سل، قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لي، وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك».


(١) ثوب: التثويب ههنا إقام الصلاة وقيل إنما سمي تثويبًا من ثاب يثوب إذا رجع، فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة انظر: النهاية في غريب الحديث (١/ ٢٢٦).
(٢) وقع في مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٤٣) لفظه "استيقظت" وظاهره إنه رأى الله عز وجل في اليقظة وهذا تصحيف لمخالفتها بقية الروايات، قال ابن حجر المكي: والظاهر أن رواية «حتى استيقظت» تصحيف، فإن المحفوظ في رواية أحمد والترمذي حتى استثقلت انظر: الفتح الرباني (١٧/ ٢٢٣) وتحفة الأحوذي (٩/ ١٠٣).

<<  <   >  >>