للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العلماء: هذا فيه حث على تحري الصدق وهو قصده والاعتناء به وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه، فإنه إذا تساهل فيه كثر منه فعرف به وكتبه الله لمبالغته صديقًا إن اعتاده، أو كذابًا إن اعتاده (١).

ويقول ابن القيم رحمه الله: فما أنعم الله على عبد من نعمة بعد الإسلام أعظم من الصدق الذي هو غذاء الإسلام وحياته، ولا ابتلاه ببلية أعظم من الكذب الذي هو مرض الإسلام وفساده والله المستعان (٢).

وقد اقترن الكذب بالنفاق والكفر، فقد جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمارات النفاق كما في الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» (٣).

وأخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح، كما قال الحافظ ابن حجر، عن أبي بكر الصديق، قال: «الكذب يجانب الإيمان» (٤).

ومما جاء في التحذير من الكذب وبيان عقوبة الكاذب، ما

أخرجه البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب التعبير وغيره من

حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مما يكثر أن يقول لأصحابه: «هل رأى أحد منكم

من رؤيا؟» قال: فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات


(١) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١٦/ ١٦٠).
(٢) زاد المعاد، لابن القيم (٣/ ٢٤).
(٣) فتح الباري (١٠/ ٥٠٧).
(٤) فتح الباري (١٠/ ٥٠٨).

<<  <   >  >>