للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والحكمة في التشديد في الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - واضحة، فإنه يخبر عن الله فمن كذب عليه كذب على الله عز وجل، وقد اشتد النكير على من كذب على الله تعالى في قوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} [الأعراف: ٣٧] فسوى بين من كذب عليه وبين الكافر.

ثم قال رحمه الله: وأما المنام فإنه لما كان جزءًا من الوحي كان المخبر عنه بما لم يقع كالمخبر عن الله بما لم يلقه إليه، أو لأن الله يرسل ملك الرؤيا فيري النائم ما شاء، فإذا أخبر عن ذلك بالكذب يكون كاذبًا على الله وعلى الملك، كما أن الذي يكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ينسب إليه شرعًا ما لم يقله، والشرع غالبًا تلقاه النبي - صلى الله عليه وسلم - على لسان الملك، فيكون الكاذب في ذلك كاذبًا على الله، وعلى الملك (١).

وأخرج البخاري من حديث علي رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تكذبوا علي، فإنه من كذب علي فليلج النار» (٢).

فقوله: «لا تكذبوا علي» عام في كل كاذب، مطلق في كل نوع من الكذب (٣).

وقوله: «فليتبوأ» أي فليتخذ لنفسه منزلا يقال تبوأ الرجل المكان إذا اتخذه سكنًا وهو أمر بمعنى الخبر أيضًا، أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم، أو دعاء


(١) فتح الباري (٦/ ٥٤١).
(٢) صحيح البخاري كتاب العلم ٣٨ - باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم الحديث (١٠٦) (١/ ٥٥).
(٣) انظر: فتح الباري (١/ ١٩٩).

<<  <   >  >>