للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر رحمه الله في هذا الحديث: "ظاهر الحصر أن الرؤيا الصالحة لا تشمل على شيء مما يكره الرائي، ويؤيده مقابلة رؤيا البشرى بالحلم، وإضافة الحلم إلى الشيطان، وعلى هذا ففي قول أهل التعبير، ومن تبعهم أن الرؤيا الصادقة قد تكون بشرى، وقد تكون إنذارًا نظر؛ لأن الإنذار غالبًا يكون فيما يكره الرائي".

ثم أجاب على ذلك بقوله: "ويمكن الجمع بأن الإنذار لا يستلزم وقوع المكروه كما تقدم تقريره، وبأن المراد بما يكره ما هو أعم من ظاهر الرؤيا، ومما تعبر به" (١).

وقد تقرر سابقًا أن كون الرؤيا الصادقة تأتي في صورة إنذار لا يلزم من ذلك ترك ما أمر ما أمر به من الاستعاذة ونحوها، فقد يكون ذلك سببًا لدفع المكروه الإنذار مع حصول مقصود الإنذار.

وقال أيضًا: "فالمنذورة قد ترجع إلى معنى المبشرة لأن من أنذر بما سيقع له، ولو كان لا يسُره أحسن حالا ممن هجم عليه ذلك، فإنه ينزعج ما لا ينزعج من كان يعلم بوقوعه فيكون ذلك تخفيفًا عنه، ورفقًا به» " (٢).

ثم ليعلم أن هذه الآداب فيما يكره الرائي، أما ما لا يكره فإن هذا لا حكم له، فلا يضر ولا ينفع.

كما قال أبو العباس القرطبي رحمه الله: "وأما ما يرى أحيانًا مما يعجب الرائي، ولكنه لا يجده في اليقظة، ولا ما يدل عليه، فإنه يدخل في قسم


(١) فتح الباري (١٢/ ٣٧٢).
(٢) المرجع السابق (١٢/ ٣٧٢).

<<  <   >  >>