فكما أن الجافي في الأمر مضيع له فكذلك الغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد وهذا بتجاوزه الحد.
قال ابن القيم رحمه الله:«وقد جعل الله هذه الأمة هي الأمة الوسط في جميع أبواب الدين، فإذا انحرف غيرها من الأمم إلى أحد الطرفين كانت هي في الوسط».
إلى أن قال رحمه الله:«وكذلك لا تجد أهل الحق دائمًا إلا وسطًا بين طرفي الباطل وأهل السنة وسط في النحل كما أن المسلمين وسط في الملل»(١). وكذلك هم وسط في هذا الباب.
فإذا كان أكثر الناس بين الإفراط والتفريط، فإن بيان المنهج القويم الذي دل عليه الكتاب والسنة من واجبات طلاب العلم الشرعي، حتى لا تضيع الحقائق بين الغلاة في النفي، والغلاة في الإثبات كأكثر الأمور يفرط فيها أناس، ويفرط فيها آخرون.
ولهذا اتجهت الرغبة إلى الكتابة في هذا الموضوع، وما يتعلق به، أو يتفرع عنه وذلك للأسباب التالية:
أسباب الاختيار:
أولا: أهمية الموضوع كما سبق تفصيله.
ثانيًا: أن الناس تعصف بهم لوثات المادية تارة، وخرافات الصوفية تارات أخر، فكثير من المغرضين يستغلون اهتمام الناس بالرؤى فينشرون أحياناً الرؤى الباطلة، وليست ما يسمى برؤيا الشيخ أحمد خادم المسجد النبوي عن الأذهان ببعيد، والتي تولى الرد عليها سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
(١) مفتاح دار السعادة (٢/ ٢٤٢) مكتبة الرياض الحديثة، الرياض.