وقد ذكرنا: أن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب كان عازمًا على أنه إن مات هشام بن عبد الملك لحق بأرض الروم، لأن الوليد بن زيد كان نذر دمه إن قدر عليه، وهو كان الوالي بعد هشام فمن كان هكذا فهو معذور.
وكذلك: من سكن بأرض الهند، والسند، والصين، والترك، والسودان، والروم، من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر، أو لقلة مال، أو لضعف جسم، أو لامتناع طريق، فهو معذور.
فإن كان هناك محاربًا للمسلمين معينًا للكفار بخدمة، أو كتابة فهو كافر، وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها وهو كالذمي لهم، وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم، فما يبعد عن الكفر، وما نرى له عذرًا، ونسأل الله العافية.
وليس كذلك: من سكن في طاعة أهل الكفر من الغالية، ومن جرى مجراهم، لأن أرض مصر والقيروان، وغيرهما فالإسلام هو الظاهر، وولاتهم على كل ذلك لا يجاهرون بالبراءة من الإسلام، بل إلى الإسلام ينتمون، وإن كانوا في حقيقة أمرهم كفارًا.
وأما من سكن في أرض القرامطة مختارًا فكافر بلا شك، لأنهم معلنون بالكفر وترك الإسلام - ونعوذ بالله من ذلك.