للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشار إلى الثاني مما يسلم فيه أو منه المفرد بقوله: (وَمِنْ غَرَابَتِهْ) هذا الشيء الثاني الذي يُشترط في الحكم على فصاحة المفرد بكونه فصيحًا السلامة من الغرابة، أي: سلامته أي: المفرد من الغرابة، وهي أن تكون الكلمة مستعملة وحشية غير ظاهرة المعنى ولا مهموسة الاستعمال، الحيوان الوحشي يعني: غير مألوف، إذا كانت الكلمة غير مأنوسة غير مستعملة لا يستعملها العرب بل هي مهجورة تُسمى ماذا؟ تسمى غريبة.

واستعمال هذا النوع يُخِلّ بالفصاحة، على خلاف ما انتكست المفاهيم الآن، الذي يستعمل الغريب من الألفاظ يُعَدُّ بليغًا، وهذا غلط بمعنى أنك إذا سمعت كلامًا ما واحتجت إلى القاموس بجوارك فهذا ليس ببليغ لماذا؟

لأنه استعمل كلمةٍ تحتاج إلى الرجوع إلى القواميس والمعاجم، إذًا (وَمِنْ غَرَابَتِهْ) أي: سلامته من الغرابة وهي أن تكون الكلمة وحشية غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة الاستعمال أي: بالنسبة إلى العرب العربان، يعني: لا بالنسبة إلى استعمال الناس، فيحتاج حينئذٍ إلى معرفة هذه الكلمة ومعناها يحتاج إلى أن يُنَقَّرَ عنها في كتب اللغة المبسوطة كما رُوِيَ مثالٌ غريب عن عيسى بن عمر النحوي أنه سقط عن حمارٍ فاجتمع عليه الناس فقال ماذا؟ ما لكم تكأكأتم علي تكأكأكم على ذي جنة افرنقعوا. افرنقعوا مستعملة هذه؟! يعني اجتمعتم عليّ فتنحو، تكأكأتم يعني: اجتمعتم، هذه لو سَمِعْتَ تكأكأتم من خطيب تحتاج إلى قاموس يكون بجوارك القاموس، إذًا لما كانت هذه الكلمة غير مستعملة غير مأنوسة حكمنا عليها بأنها وحشية، وإذا كانت وحشية فهي غريبة، وإذا كانت غريبة فهي غير فصيحة، لأن من شرط فصاحة المفرد أن يسلم ويَخْلُصَ من الغرابة، وهذه الكلمة غريبة، يعني المراد بالغرابة وكون الكلمة غريبة أنك تحتاج إلى أن تنقر في كتب المعاجم من أجل أن تعرف ما معنى هذه تلك الكلمة. ما لكم تكأكأتم علي تكأكأكم على ذي جنة، الذي يسمعك يظن أنك تتكلم انكليزي ولا فرنسي، ما يدري أن هذه تكأكأتم هذه كلمة عربية، إذًا يحتاج إلى البحث هذا ماذا؟ افرنقعوا عني. أي اجتمعتم وتنحو عني.

<<  <  ج: ص:  >  >>