للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أشار إلى الثاني مما يوصى بالفصاحة وهو الكلام فقال:

................... ... ثُمَّ الفَصِيحُ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ

مَا كَانَ مِنْ تَنَافُرٍ سَلِيمَا ... وَلَمْ يَكُنْ تَألِيفُهُ سَقِيمَا

وَهْوَ مِنَ التَعْقِيدِ أَيْضاً خالِي ... .............................

يقال كلام فصيح، ومتى يعتبر الكلام فصيحًا؟

الأول كلامه في ماذا؟

في المفردات فنحكم على اللفظ كونه فصيح مفرد، الكلمة الواحد نحكم عليه بكونها فصيحة إذا اجتمع فيها السلامة من الثلاثة الأمور السابقة، الآن في الكلام الجملة المفيدة سواء كانت اسمية أو فعلية مع متعلقاتها، متى نقول هذا كلام فصيح؟

ومتى نقول هذا الكلام غير فصيح؟

لا بد من أن يشتمل على سلامته من ثلاثة أشياء، يعني وافق فصاحة المفرد في كونه لا بد أن يسلم من ثلاثة أشياء:

الأول: (مِنْ تَنَافُرٍ).

ثاني: (لَمْ يَكُنْ تَألِيفُهُ) ضعيفًا.

الثالث: (مِنَ التَعْقِيدِ خالِي). ليخلو من التعقيد.

إذا أشار إلى ثاني مما يوصف بالفصاحة وهو الكلام، فقال: (ثُمَّ) هذا للترتيب الذكري، (الفَصِيحُ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ) أي الكلام الفصيح، فمن هنا بيانية، (الفَصِيحُ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ) فالكلام يوصف أيضًا بالفصاحة وهي خلوصه من ثلاثة أشياء، أشار إلى الأول منها بقوله: (مَا كَانَ مِنْ تَنَافُرٍ سَلِيمَا)، (مَا) اسم موصول، والمراد به هنا الكلام، اسم موصول يقع على الكلام، أي الكلام الذي (كَانَ) هو اسم كان ضمير مستتر يعود إلى ما، (سَلِيمَا) (مِنْ تَنَافُرٍ)، (سَلِيمَا) هذا خبر كان أي سالِمًا، ... (سَلِيمَا) أي سالِمًا (مِنْ تَنَافُرٍ) هذا متعلق بقوله (سَلِيمَا) واضح؟ فاسم (كَانَ) ضمير (مَا)، و (سَلِيمَا) بمعنى سالِمًا خبر (كَانَ)، و (مِنْ تَنَافُرٍ) متعلق به يعني بالخبر، والتنوين هنا (تَنَافُرٍ) عوض عن المضاف إليه، أي من تنافر الكلمات، التنوين عوض عن المضاف إليه، والمراد هنا بهذا القيد والشرط أن يقع التنافر بين الكلمات اثنين فأكثر، أي منافرة كل واحدة بالأخرى، فإذا وقع الكلام متنافرًا بأن وقع تنافر بين كلمة وكلمة أخرى مع كون كل كلمة على حدة فصيحة - مفرد فصيح - حكمنا على الكلام بكونه غير فصيح. (مِنْ تَنَافُرٍ) (سَلِيمَا) يعني سَلِمَ من التنافر أي تنافر الكلمات، فالمراد هنا بالتنافر تنافر الكلمات أن يَقَعَ التنافر بين الكلمات يعني اثنين فأكثر، أو اثنتين فأكثر، أي منافرة كل واحدة للأخرى لا منافرة أجزاء الكلمة بعضها لبعض، لأنه لو ثبتت المنافرة بين أجزاء الحروف نَعُدّ اللفظ والكلمة غير فصيحة.

إذًا الكلام هنا ليس بالكلمة ذاتها، التنافر نوعان:

تنافر في ذات الكلمة مثل الهعخع، الهاء مع العين، لكن هنا عندنا التنافر بين كلمة وكلمة، وكل كلمة على حدة لو فككناها عن الجملة فهي فصيحة، لكن لكونها قربت من هذه الكلمة وَلَّدَتْ ثِقَل في اللسان، فالتنافر هنا باعتبار ضم كلمة إلى أخرى، لأننا تكلم في الكلام، والكلام فيه إسناد مُسْنَد ومُسْنَد إليه، فإذا ضم هذه الكلمة إلى تلك الكلمة وحصل تنافر نقول: وجد تنافر بين الكلمات، أي منافرة كل واحدة للأخرى لا منافرة أجزاء الكلمة الواحدة بين ذلك من الفصاحة الكلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>