للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثاني

حق العامل في تأدية الصلوات المفروضة

إقامة الصلاة المفروضة على العبد واجبة لا تهاون فيها، فالصلاة صلة بين العبد وربه - سبحانه وتعالى -، ومناجاة لخالقه - سبحانه وتعالى -، وهي الزاد الروحي الذي يُطفيء لهيب النفوس المتعطشة إلى نوره، فتنير القلوب، وتشرح الصدور، وتزيل الهموم، وللصلاة مكانة عظيمة في ديننا؛ إذ هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأول ما يُحاسب عنه العبد يوم القيامة، وقد فرضها الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - في أعلى مكان وصل إليه بشر (السماء السابعة)، وفي أشرف الليالي (ليلة الإسراء والمعراج)، فكانت واجبة على المسلم في كل حالاته، في السلم والحرب، والصحة والمرض، ولا تسقط عنه أبداً إلا بزوال العقل.

فإذا تقرر هذا فإن العامل ينبغي له تأدية الصلوات المفروضة في مكان العمل، وأثناء الدوام الرسمي وبكامل الأجرة، وذلك حتى لا تفوته الفريضة، وحتى لو عارضه صاحب العمل، فله الحق في عصيان أوامر صاحب العمل، لأنه من المقرر أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وجاء في بعض كتب الشافعية:" ولو اكتراه لعمل مدة مثلاً فزمن الطهارة والصلوات فرائضها وسننها الراتبة مستثنى منها ولا تنتقص من الأُجرة شيئاً، وكذا سبت اليهود والأحد للنصارى إن اعتيد ذلك" (١)،وقد نص الحنابلة في كتبهم عند الحديث عن الأجير الخاص فقالوا:" ... وله فعل الصلاة في وقتها بسننها والعيد" (٢)، ولهم رواية أخرى مخالفة لهذه المذكورة وقد ذكرها صاحب الإنصاف عند حديثه عن الدليل الذي يقود البعير بالمستأجر، وقد ذكر أن الرواية الأولى هي الأصح في المذهب الحنبلي. (٣)

وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في تحديد الوقت الكافي الذي يُعطى للعامل لتأدية الصلوات المفروضة في وقت العمل، فقد أفتى الدكتور يوسف القرضاوي (٤) - بعدما أثنى على دوائر العمل التي تتيح للعمال


(١) البرماوي على شرح الغاية، ص١٨٠.
(٢) ابن مفلح، الفروع، ج٤، ص٣٣٦.
(٣) المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ج٦، ص٥٦.
(٤) ولد الدكتور يوسف القرضاوي في قرية صفت تراب، مركز المحلة الكبرى، وكان مولده في ٩/ ٩/١٩٢٦م، وأتم حفظ القرآن الكريم، وأتقن أحكام تجويده، وهو دون العاشرة من عمره، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وفي سنة ١٩٦٠م حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين، وفي سنة ١٩٧٣م حصل على (الدكتوراة) بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من نفس الكلية، عن: "الزكاة وأثرها في حل المشاكل الاجتماعية". http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?.