للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الأول

الإجازة السنوية

عند البحث عن تعريف الإجازة لغة، فإننا نجد أن علماء اللغة وضعوا لها مجموعة من المعاني التي تعبر عنها هذه الكلمة، منها:

أولاً: قطع الطريق. (١)

ثانياً: إنفاذ الأمر والرأي، ومنها ما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنهم - قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضحك، فقال: هل تدرون مما أضحك؟ قال: قلنا الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول بلى، قال: فيقول فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، وبالكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، قال: فيقول بُعداً لكنّ وسحقاً، فعنكنّ كنت أناضل " (٢) أي لا أنفذ ولا أمضي. (٣)

ثالثاً: تكون الإجازة بمعنى الأعطية والجائزة، ومنها قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم به" (٤).

وهذه المعاني المذكورة كلها تخدم موضوع هذا المطلب، فإذا نظرنا إلى التعريف الأول منها والذي هو بمعنى قطع الطريق، فهذا يعني أن العامل بإجازته يقطع مشوار العمل، سواء كانت الإجازة في منتصف الأسبوع أو في نهايته، وهو ما يعطيه قوة بدنية ومعنوية لمواصلة عمله بعد راحته.

أما التعريف اللغوي الثاني والذي هو إنفاذ الأمر فيوافق ضرورة التزام العامل وصاحب العمل بأوامر واضع القانون الذي هو ولي الأمر، وهذه الأوامر هي التي قررت أن الإجازة هي حق للعامل، وواجب على صاحب العمل، وفي التعريف الثالث ترسيخ لمضمون الإجازة التي تجعل منها فترة راحة ومكافأة على العمل الذي قام به قبل الإجازة، وتشجيع للعامل على الجدّ والاجتهاد بعد العودة إلى العمل.


(١) الأزهري، محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، بدون رقم طبعة، ج١١، ص١٤٨، مادة جئز، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، مصر.
(٢) رواه مسلم في صحيحه، ص١٢٣٥، كتاب الزهد، برقم (٢٩٦٩).
(٣) الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، ج٤، ص١٩، مادة جوز.
(٤) رواه البخاري في صحيحه، ص ٧٤٦، كتاب الجهاد، باب هل يُستشفع أهل الذمة، يرقم (٣٠٥٣) ورواه مسلم في صحيحه، ص ٦٩٣، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي به، برقم (١٦٣٧).