للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثاني

التظاهر والإضراب عن العمل

قررت الشريعة الإسلامية الغرّاء الوفاء بالالتزامات من كلا الطرفين، حيث قال الله - سبحانه وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (١)، ومن الوسائل التي يُمكن للعامل اتباعها للتعبير عن احتجاجه على صاحب العمل الإضراب عن العمل.

وقد عرّف علماء اللغة الإضراب بقولهم:" أضربت عن الشيء: كففت وأعرضت، وضرب عنه الذكر وأضرب عنه: صرفه، ويُقال: ضربت فلاناً عن فلان: أي كففته عنه" (٢) فالإضراب بهذا المعنى يتضمن معنى الكفّ، وكذلك الإعراض عن الشيء هو الامتناع عنه.

أما تعريف الإضراب في الاصطلاح فهو:" توقف أو امتناع العامل عن أداء مهامه التي وكّل بها، بدون سابق إذن من موكله أو رب العمل لغرض الحصول على إحدى حقوقه بالعدل" (٣)، أو هو:" اتفاق مجموعة من العمال فيما بينهم على الامتناع عن القيام بالعمل المتفق عليه لوجود نزاع عمالي، والغرض منه الحصول على حقوقهم التي تتعلق بشروط العمل أو ظروفه" (٤) ويتنوع الإضراب إلى أنواع ثلاثة هي:

النوع الأول: الإضراب عن الطعام، وغالباً ما يكون هذا النوع داخل السجون والمعتقلات، وقد عايشته ولمست أثره الإيجابي في المعتقلات الإسرائيلية.

النوع الثاني: الإضراب العام، وغالباً ما يلجأ إليه العمّال بعد إهدار صاحب العمل- وهو الدولة - حقوقهم.

النوع الثالث: الإضراب الفئوي، وتقوم به فئة معينة من الشعب، يجتمعون على مهنة واحدة، أو يعملون في وظيفة واحدة، وقد عايشنا إضراب المعلمين والعاملين في الجامعات الفلسطينية مرات عديدة، ونحن بصدد الحديث عن هذا النوع دون غيره من الأنواع، نظراً لارتباطه بموضوع الرسالة.

ومن المقرر بداية أنه لا بدّ من مسوّغ لهذا الإضراب، ويمكن أن تتنوع المسوغات ومنها:


(١) سورة المائدة، آية رقم ١.
(٢) ابن منظور، لسان العرب، ج١، ص٥٤٧.
(٣) نصر عامر، الإضراب وأثره في الفقه الإسلامي، مقال منشور على موقع القلم على شبكة الانترنت http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&contentid=٧٣٤
(٤) رمضان، الوسيط في شرح قانون العمل، ص٥٠٤.