للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الرابع

الإجازة العارضة

يعتبر غياب العامل دون إذن من صاحب العمل خطأً منه، ومن ثَّم يشكل مبرراً لفصله، وإذا طالت مدة الغياب، فإن ذلك يُعد خطأً جسيماً من العامل يبرر فصله دون إخطار أو تعويض، وإذا كان غياب العامل بسبب قوة قاهرة مؤقتة فإن هذا الغياب يكون مبرراً لوقف عقد العمل، ولكن قد يحدث أمر من الأمور العائلية للعامل مثل زواج العامل، أو زواج ابنه، أو وفاة أحد أفراد أسرته، أو ولادة طفل له، وهذه من الأمور المهمة في حياة العامل، وغيرها الكثير من الأمور الشخصية، كما يقتضي مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود السماح للعامل بالتغيّب عن العمل في مثل هذه المناسبات، فإذا وجد أمر من هذه الأمور كان للعامل التغيّب عن العمل دون الحصول على رضاء صاحب العمل في صورة إذن مسبق أو في صورة موافقة لاحقة، لكن لصاحب العمل مطالبة العامل بتقديم الدليل على وجود الأمر العارض الذي منعه من الحضور إلى العمل، فإذا لم يقدم العامل هذا الدليل كان لصاحب العمل اعتبار غيابه بدون عذر.

وقد توقع المشرّع الفلسطيني حدوث هذه العوارض- دونما توضيح لأحكامها-، فجاء في المادة رقم (٧٨) حيث نصّت:" يجوز للعامل التغيّب عن العمل لسبب عارض مثبت لمدة عشرة أيام في السنة، تحتسب من الإجازة السنوية على أن لا تتجاوز المدة ثلاثة أيام متتالية في المرة الواحدة" (١) وهذا على خلاف الإجازات الأخرى التي ذُكرت من حيث أن تلك الإجازات لا تحتسب من الإجازات السنوية، والملاحظ أن قانون العمل الفلسطيني سكت بخصوص أن هذه الإجازة مدفوعة الأجر أم لا؟ (٢)، ولم يحدد الأمور الشخصية والعائلية- وهذه تحتسب للقانون- بل أبقى حسم اعتبار ما إذا كان الأمر عارضاً لمحكمة الموضوع عند التقاضي، مع العلم أن العامل قد يتردد بالغياب لسبب عارض إذا كان قد استنفذ مدة الإجازة السنوية المقررة له، والأصل أن لا يُحرم الإجازة العارضة، حتى لو استنفذ إجازته السنوية والعشرة أيام المقرر له كإجازة عارضة وحدث له عارض عائلي أو شخصي، ولكن لا يحق له الحصول على أجر عن أيام التغيّب، فالعارض هنا من قبيل الاستحالة المعنوية المؤقتة التي تؤدي إلى وقف عقد العمل ولكن لا تنهيه.


(١) المصدر نفسه، ص ٣٣.
(٢) مشاقي، شرح قانون العمل الفلسطيني، ص٥٤.