للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه أو النقصان لمصلحة" (١)، ومن المعاصرين من عرّفه بقوله:" إجبار أرباب السلع أو المنافع الفائضة عن حاجتهم على بيعها بثمن أو أجر معيّن، بموجب أمر يُصدره موظف عام مختص بالوجه الشرعي، عند شدة حاجة الناس أو البلاد إليها" (٢)،

وقد اختلف الفقهاء في حكم التسعير على أربعة أقوال، أذكرها بإيجاز:

القول الأول: المنع، وهو قول الجمهور (٣) من الحنفية والشافعية والحنابلة وطائفة من المالكية، وقد استدلوا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما غلا السعر على عهده فقيل له: يا رسول الله: لو سعّرت فقال:" إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعّر، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه من دم ولا مال" (٤) وموضع الاستدلال من هذا الحديث أن التسعير مظلمة، والظلم حرام لا يجوز، ثم إن المسلمين قد طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - التسعير، ولو كان جائزاً لأجابهم (٥)، كما أن الناس مسلطون على أموالهم، وليس لأحد أن يأخذها بغير طيب أنفسهم. (٦)

القول الثاني: الجواز في الأموال والأعمال إذا احتاج الناس إلى ذلك، وقال بذلك الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم- رحمهما الله-، واستدلوا بما ثبت في السنة أن سمرة بن جندب (٧) كانت له شجرة في


(١) الشوكاني، نيل الأوطار، ج٥، ص٢٤٨.
(٢) العبّادي، عبد السلام داود، الملكية في الشريعة الإسلامية، ج٢، ص٣٥٩، ط١، ٢٠٠٠م، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان .. وقد ذكر المؤلف أن هذا التعريف للدكتور فتحي الدريني ذكره في مذكراته في التسعير والاحتكار التي ألقاها على طلبة كلية الشريعة بجامعة دمشق.
(٣) الموصلي، الاختيار لتعليل المختار، ج٤، ص١٦١.الكشناوي، أبو بكر بن حسن، أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام الأئمة مالك، ج٢، ص ٣٠٥،ط٢، مكتبة عيسى البابي الحلبي وأولاده. الماوردي، الحاوي الكبير، ج٧، ص٨٠. ابن قدامة، محمد بن أحمد، الشرح الكبير بهامش المغني، ج٤، ص٤٤، طبعة عام ١٩٧٢م، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان. ابن حزم، المحلّى، ج٩، ص٤٠. أبو يعلى، محمد بن الحسين الفراء، الأحكام السلطانية، تصحيح وتعليق محمد حامد الفقي، ص٣٠٣، ط٣، ١٩٧٤، دار الفكر، بيروت، لبنان.
(٤) رواه ابن ماجه في سننه، ص٣٧٨، برقم (٢٢٠٠) وقال عنه الشيخ الألباني: حديث صحيح. والترمذي في سننه، ص٣١١، برقم (١٣١٤) والهيثمي في مجمع الزوائد، ج٤، ص٩٩.
(٥) ابن قدامة، المغني، ج٤، ص١٦٤.
(٦) الماوردي، الحاوي الكبير، ج٦، ص١٦١.
(٧) ابن هلال الفراري، من علماء الصحابة، نزل بالبصرة، قال عنه ابن سيرين:" كان سمرة عظيم الأمانة صدوقاً" كان زياد ابن أبيه يستخلفه على البصرة إذا سافر إلى الكوفة، ويستخلفه على الكوفة إذا سافر إلى البصرة، وعُرف بشدته على الخوارج، حيث قتل منهم جماعة، توفي في سنة ٥٨هـ. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج٣، ص ١٨٦.