للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكسل، ويورث الإرهاق الجسدي الذي تنعكس آثاره السلبية على قدرة العامل على الإنتاج والعطاء، وقد وردت الإشارات النبوية إلى تخصيص يوم للراحة والتفرغ للأشغال الخاصة، ومالت تلك النصوص إلى جعله يوم الجمعة لفضله وعظيم شأنه، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبيّ مهنته" (١) وعليه إذا قررت الدولة أن العمل ثماني ساعات مثلاً وجب التقيّد بذلك، كما أنها عندما تقرر يوماً من أيام الأسبوع ليكون يوماً لراحة العمال يكون جمهور العمّال ملزمين بذلك اليوم، ونشير هنا إلى أن قانون العمل الفلسطيني - كغيره من القوانين العربية - لم يأت على تعريف الإجازة، بل خاض في غمار تفصيلاتها مباشرة.

وقد قررت الشريعة الإسلامية أن لولي الأمر الحق في تخصيص يوم من أيام الأسبوع لراحة العمال، كلٌ حسب إمكانيات عمله، وهذا من باب السياسة الشرعية ذات المجال الفسيح في الأمور الاجتهادية التي تخضع لتقدير ولي الأمر للمصالح العاملة، وهو ما قرره قانون العمل الفلسطيني، حيث نصّ في المادة رقم (٧٤) من أنه:" يستحق العامل إجازة سنوية مدفوعة الأجر مدتها أسبوعان عن كل سنة في العمل، وثلاثة أسابيع للعامل في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة، ولمن أمضى خمس سنوات في المنشأة" (٢).

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن الأولى في القانون أن لا يسمح بتلك الأعمال الضارة بالصحة ابتداءً، لا أن يُعطي العامل فيها إجازة أطول من غيرها من الأعمال، كما أن القانون لم يوضح معياراً للضرر للذي يمكن أن يلحق بالإنسان، وهل هو ضرر بالصحة الجسدية أم الصحة النفسية، أم بهما معاً؟، ثم إن قصر هذه الأعطية على من أمضى خمس سنوات في المنشأة يُلحق الظلم بالعامل الذي أمضى أقل من ذلك، وهو ما يجعله يعمل الخمس سنوات متواصلة، ولا يرتاح إلا أيام الجمعة أو العطلة الأسبوعية، وفي ذلك من الإرهاق الكثير، مع أنه قد يُنجز عملاً أكثر ممن أمضى عشرات السنوات في المنشأة، ثم إن النص القانوني بحاجة إلى تقييد السنوات الخمس بالتواصل أم عدمه.

ويمكن ردّ أصل تقرير هذه الإجازة لاندراجها تحت مبدأ المحافظة على النفس والبدن في الإسلام لقصة سلمان الفارسي وأبي الدرداء - رضي الله عنهما- (٣)، كما تندرج تحت الأمور الدنيوية التي أرجعها الرسول - صلى الله عليه وسلم - للناس، قياساً على حادثة تلقيح النخل، حيث مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوم يلقحون، فقال: لو لم


(١) رواه أبو داود في سننه، ص ١٧٠، كتاب الصلاة، باب اللباس للجمعة، برقم (١٠٧٨)، ورواه ابن ماجه في سننه، ص ١٩٧، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة، برقم (١٠٩٥)، وهو حديث صحيح.
(٢) وزارة العمل، قانون العمل الفلسطيني، ص٣٢.
(٣) سبق ذكرها وتخريجها ص ١٢٦.