للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً: تعريف الحق في لغة واصطلاحاً: مصدر حقَّ الأمر: بمعنى وجب وثبت، ويأتي بمعنى: أوضح وصدق وذلك لقول الله - سبحانه وتعالى -: {لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} (١)، واستحق الشيء واستحق الأمر إذا استوجبه، واستحق الإثم بمعنى وجبت عليه عقوبته، ومنه قول الله - سبحانه وتعالى -: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} (٢) والاستحقاق طلب الحق (٣)، ويُطلق أيضاً على المِلك والمال، والأمر الموجود الثابت ومن ذلك قول الله - سبحانه وتعالى -: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (٤)،ويرى بعض المعاصرين أن كل الاستعمالات اللغوية المستعملة لكلمة الحق تدور حول معنى الثبوت والوجوب، (٥) كما يُطلق الحق كذلك على اسمٍ من أسماء الله - سبحانه وتعالى - أو من صفاته، كما يُطلق على القرآن الكريم، وهو ضد الباطل، والموت، والحزم، (٦) وهو في اصطلاح أهل المعاني: الحكم المطابق للواقع، ويُطلق على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب باعتبار اشتمالها على ذلك. (٧)

وبالنسبة لتعريف الحق عند علماء الشريعة الإسلامية فلم أقف - بعد عناء البحث- على تعريف جامع للحق بالمعنى العام، وذلك لاعتمادهم على التعريف اللغوي، إلا ما وجدته عند صاحب كتاب البحر الرائق الذي عرّفه بقوله:" الحق ما يستحقه الرجل" (٨)، كما وجدت تعريفاً آخر لصاحب شرح المنار فقال:" الحق هو الشيء الموجود من كل وجه، ولا ريب في وجوده" (٩)، ومن ذلك قول الرسول


(١) سورة يس، آية رقم ٧٠.
(٢) سور ة المائدة، آية رقم ١٠٧.
(٣) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج١٠،ص٥٠،بدون رقم طبعة، دار صادر، بيروت، لبنان.
(٤) سورة يس، آية رقم ٨.
(٥) الدريني، فتحي، الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده، ص١٨٤، ط٢، ١٩٧٧م، مؤسسة الرسالة، بيروت.
(٦) الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ص ٨٧٤.
(٧) الجرجاني، التعريفات، ص ١٢٠.
(٨) ابن نجيم، زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ج٦، ص ١٤٨، ط٢، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.
(٩) ابن ملك، عز الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز، شرح المنار وحواشيه من علم الأصول، ص٨٨٦، بدون رقم طبعة، مطبعة عثمانية.