للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتبروه من موجبات الاستحقاق المالي (١)، وهو ما يخضع لنفس المستند الذي يقوم عليه الضمان الاجتماعي والتعاون بين الناس، وهذا التعاون وإن كان في أصله من المباحات إلا أن ولي الأمر قد يُلزم به بعض المنشآت والجهات المشغّلة للعمال، وذلك أن أكثر عقود العمل هي مما يسمى بعقود الإذعان، حيث لا يكون للعامل خيار إلا بين القبول بالعمل المشروط التي يفرضها صاحب العمل، أو رفض العمل والبقاء في عداد العاطلين عن العمل والكسب، ويرى الباحث - والله أعلم بالصواب - تخريج هذا النوع من المكافآت على صلاحية ولي الأمر في إنشاء بعض الحقوق والواجبات على الأفراد، لاقتضاء في المصلحة للعمال ولأصحاب العمل، وفي ذلك تأمين للعامل وطمأنينة نفسه، وهو ما يدفعه لبذل كل ما في وسعه من جهد وخبرة في العمل، ويندرج هذا تحت باب السياسة الشرعية، ولكن لا بدّ من مراعاة أعراف الناس، وخصوصاً عُرف أصحاب المهنة التي يعمل فيها هذا العامل، لذلك لا ينبغي فرض هذه المكافأة لشخص بعينه، مع أن جمهور العمّال في نفس المهنة لم يتعارفوا فيما بينهم على استحقاق هذه المكافأة.

ثم إننا إذا اعتبرنا مكافأة نهاية الخدمة حقاً ذا طبيعة خاصة تنشئه الدولة أو ولي الأمر استبعدنا بذلك كل الاحتمالات السابقة، لأن المكافأة عندئذ لا تكون نتاج لعقد المعاوضة، فلا تتأثر بالغرر ولا بالجهالة، أما قانون العمل الفلسطيني فقد نصّ في مادته رقم (٤٥) على أن:" للعامل الذي أمضى سنة من العمل الحق في مكافأة نهاية خدمة مقدارها أجر شهر عن كل سنة قضاها في العمل على أساس آخر أجر تقاضاه دون احتساب ساعات العمل الإضافية، وتحتسب لهذا الغرض كسور السنة" (٢)، لكنه وضّح في المادة رقم (٤٢) وفي الفقرة الثانية على أنه:" يحق للعامل إذا استقال من عمله خلال السنوات الخمس الأولى ثلث مكافأة نهاية الخدمة، وثلثي مكافأة نهاية الخدمة إذا كانت الاستقالة خلال السنوات الخمس التالية، ويستحق المكافأة كاملة إذا أمضى عشر سنوات أو أكثر في العمل" (٣).

ومما يؤخذ على هذا النص أنه لم يفرّق بين استقالة العامل وإقالته، وهو ما يتطلب وجود مادة أخرى توضح حق العامل في مكافأة العامل عند إقالته، وذلك بذكر القيود التي بناءً عليها يُحرم العامل من هذه المكافأة، كما أنه لم يأت على استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة بعد إنهاء فترة التجربة بنجاح، وهذا راجع إلى الاختلاف في الطبيعة القانونية للعقد الذي يكون تحت الاختبار، وقد خلص


(١) الحطاب، محمد بن محمد، تحرير الكلام في مسائل الالتزام، تحقيق عبد السلام محمد الشريف، ص ١٢١،ط١، دار الغرب الإسلامي، لبنان.
(٢) وزارة العمل، قانون العمل الفلسطيني، ص٢٣.
(٣) المصدر نفسه، ص٢٤.