للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكومي لا أعلم له أصلاً من الشريعة ينبني عليه، ولا شك أنه يترتب عليه أضرار كثيرة حسب حجم هذا الإضراب شمولاً، وحسب حجم هذا الإضراب ضرورة، ولا شك أنه من أساليب الضغط على الحكومات" (١)، وهناك من ذهب بعيداً ليعتبر المظاهرات والإضرابات من قبيل الإفساد في الأرض، لافتاً إلى أن هذه الأعمال حتى إذا لم تشهد أعملاً تخريبية فهي تصدّ عن ذكر الله. (٢)

ويرى الباحث - والله تعالى أعلم - أن الإضراب منه ما هو مشروع في مقصده ووسيلته، ومنه ما ليس كذلك، وبالتالي يٌعتبر لجوء العمال للمطالبة بحقوقٍ مهضومة أو مسلوبة، والتعبير عن ذلك بالطرق السلمية التي تخلو من التخريب والتدمير والتعطيل لمصالح العامة، من الأمور التي تُبيحها الشريعة الإسلامية، وقد استند الباحث في ترجيحه على الأمور الآتية:

أولاً: إن الإضراب عن العمل هو إخلال بالواجب، ويتنافى مع الوفاء بالعقد المأمور به في قول الله - سبحانه وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (٣)،وصاحب العمل مطالب بالوفاء بالتزاماته تجاه العامل حتى لا يضطر إلى الإضراب.

ثانياً: ينبغي على العامل تسليم نفسه لصاحب العمل طيلة المدة المتفق عليها، وذلك للقيام بالأعمال الموكلة إليه وبما يُرضي الله - سبحانه وتعالى -، كما يلتزم صاحب العمل بدفع الأجرة للعامل على النحو المتفق عليه.

ثالثاً: إذا أخلّ صاحب العمل بدفع رواتب موظفيه يتحرك العمّال بخطوات احتجاجية للتعبير عن تظلمهم من عدم دفع رواتبهم، وهذه الخطوات الأصل فيها الإباحة، ولكنها مشروطة بشروط منها عدم التأثير سلباً على مصلحة العمل أو المصلحة العامة.

رابعاً: إذا أراد العمّال المطالبة بزيادة رواتبهم المتفق عليها جاز لهم ذلك، نظراً لعدم وجود ما يمنعهم من ذلك، ولكن لا ينقطعوا عن العمل إلا إذا رفض صاحب العمل ذلك الطلب، وكان هناك حاجة ماسّة لزيادة الرواتب.

خامساً: لا بدّ من اعتبار أمرين مهمين عند الإقدام على هذه الخطوة هما:


(١) ابن عثيمين، محمد بن صالح، الصحوة الإسلامية، ضوابط وتوجيهات، ص٢٨٩، ط٣، دار القاسم، الرياض، السعودية.
(٢) الشيخ صالح اللحيدان، رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء. موقع أخبار العالم الإسلامي http://arabic.irib.ir/pages/news/detailnews.asp?idn=٣٧٠٦٩
(٣) سورة المائدة، آية رقم ١.