للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعاً: المصلحة المرسلة: ويمكن تخريج هذا الحق أيضاً على قاعدة المصالح المرسلة، ووجه المصلحة في حماية هذا الحق تشجيع الاختراع والإبداع، كي يعلم من يبذل جهده في الاختراع أنه سيختص باستئثاره، وسيكون محمياً من الذين يحاولون أن يأخذوا ثمرة ابتكاره وتفكيره، ويزاحموه في استغلالها (١)، فلا وجود لنصٍ يمنع اعتبار العوض للمبتكر، كما أنه لا وجود لنصٍ يُعطي المبتكر عوضاً، فيبقى الأمر في دائرة الأمور التي لم يرد دليل في جوازها ولا في حُرمتها.

خامساً: العُرف: أن العرف العام جرى على اعتبار حق المؤلف في تأليفه وإبداعه. فأقر التعويض عنه، والجائزة عليه. ولو كان هذا الحق لا يصلح محلاً للتبادل والكسب الحلال لعُدّت الجائزة والتعويض عنه كسباً محرماً فقد تعارف الناس على أخذ المبتكر لقاء ابتكاره (٢)، ومما لا شك فيه أن حق المؤلف قد أصبح من المسلَّمات به في القوانين المعاصرة، وأن طباعة الكتاب أو تصويره بغير إذن صاحبه عدوان على حق المؤلف، ومن يفعل ذلك يتهرّب من المسؤولية، مما يدل على أن عمله ظلم موجب لإرضاء صاحب المؤَلف، والمسلم من أولى الناس برعاية حقوق العباد، كما يؤكد المجيزون بأن منشأ حق الابتكار هو العرف حيث يقول الدكتور الدريني - رحمه الله تعالى -: "حق الابتكار منشؤه العرف والمصلحة المرسلة المتعلقة بالحق الخاص أولاً، وبالحق العام ثانياً، لأن إقرار الشارع للحق، إنما يكون بحكم، والحكم مستمد من مصادر التشريع التي منها العرف والمصلحة" (٣).

وقد طرح مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي هذا الأمر في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من ١ - ٦ جمادى الأول ١٤٠٩هـ الموافق١٠ - ١٥ كانون الأول (ديسمبر) ١٩٨٨م، وبعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع الحقوق المعنوية، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:

أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.

ثانياً: يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بِعِوَض مالي، إذا انتقى الغرر والتدليس والغش، باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً.


(١) الورقي، سعود بن عبد الله، العرف وتطبيقاته المعاصرة، ص٤٠، بحث منشور على موقع الفقه الإسلامي http://www.islamfeqh.com/Nawazel/NawazelItem.aspx?NawazelItem
(٢) أبو زيد، فقه النوازل، ج٢، ص١٨٢، بتصرف.
(٣) بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، ج ٢،ص ٢٩.