للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية: الأجير المشترك، وهو الذي يعمل لأكثر من مستأجر وبعقود مختلفة، ولا يتقيّد بالعمل لواحدٍ دون غيره، كالطبيب في عيادته أو المهندس في مكتبه، وهذا يستحق أجره على العمل وليس على المدة، وقد جاء في المادة رقم (٤٢٤) من مجلة الأحكام العدلية (١) أن الأجير المشترك لا يستحق الأجرة إلا بالعمل، وجاء أيضاً في المادة رقم (٤٢٥) من المجلة نفسها أن الأجير الخاص يستحق الأجرة إذا كان في مدة الإجارة حاضراً للعمل، ولا يُشترط عمله. (٢) ويتبن لنا أن الفروق بين الأجير الخاص والأجير المشترك -كما ورد في شرح المجلة- من وجوه:

الوجه الأول: من حيث الماهية، وسبق بيانه؛ إذ إن الأجير الخاص يعمل للمستأجر فقط، والأجير المشترك يعمل للمستأجر وغيره.

الوجه الثاني: من حيث استحقاق الأجرة؛ فالأجير المشترك لا يستحق أجرة عمله إلا بالعمل؛ لأن عقد الإجارة من عقود المعاوضة، والمعاوضة تقتضي المساواة، فإذا سلّم الأجير المشترك العمل إلى المؤجِّر استحق أن يستلم أجرته على ذلك، فالعمل يستلزم الأجرة والأجرة لا تُستحق إلا بالعمل المتقن حسب الاتفاق، أما الأجير الخاص فيستحق الأجرة بمجرد تسليم نفسه، ولو لم يعمل، فإذا منعه مانع من العمل، كانقطاع الكهرباء، أو انعدام الموادّ الخام في المنشأة فإنه يستحق الأجر.

الوجه الثالث: من حيث الضمان، فالأجير الخاص لا يضمن ما يهلك في يده، إلا إذا هلك بتعدٍّ أو تقصير منه، أما الأجير المشترك فإنه يضمن ما يهلك في يده ولو لم يتعدّ، كمن أخطأ في صناعة ثوب فجاء قصيراً، لا يمكن لبسه بأي حال من الأحوال، فإن الأجير المشترك (الخياط) يضمن الثوب، ويُلزم بصناعة آخر بدل التالف.

الوجه الرابع: من حيث رعي الفروع، فالأجير الخاص يُجبر على رعي فروع الأغنام إذا عمل راعياً، أما الأجير المشترك فلا يُجبر على ذلك (٣).


(١) تعتبر أول قانون مدني إسلامي، قامت على أساس تقنين رسمي للفقه الإسلامي، وذلك خلال عهد الإمبراطورية العثمانية، حينما صدرت رسمياً بمرسوم السلطان العثماني عبد العزيز بن محمود الثاني في عام ١٨٦٩م، وتوطد نفاذها في عام ١٨٧٦م في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، لتطبق أحكامها إلزامياً في محاكم جميع الأقاليم الإسلامية الخاضعة لها، ضمّت١٨٥١ مادة قانونية. (موقع وزارة العدل الفلسطينية) http://www.moj.ps/index.php?option=com
(٢) باز، سليم رستم، شرح المجلة، ص٢٣٨ - ٢٣٩، ط٣، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
(٣) القاضي، منير، شرح المجلة، ج١، ص٤٦٦ - ٣٤٨، ط١، مطبعة العاني، وزارة المعارف العراقية، بتصرف.