للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥. استعداد العامل للانضباط بالأوامر الصادرة من صاحب العمل أو من ينوب عنه، وكذلك التقيّد باللوائح والتشريعات والنُّظُم التي يضعها ولي الأمر، أوجهة الاختصاص (وزارة العمل)، وذلك لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" (١)، ومن ذلك أيضاً الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف من العمل حسب الأوقات التي حددها قانون العمل أو حسب اتفاق العامل مع مشغله، فإذا كان العامل قد عمل لدى جهة أخرى يُمكن سؤال هذه الجهة عن مدى التزام العامل بمثل هذه اللوائح والنُّظم، وإن لم يكن قد عمل في مكان آخر فيُمكن الحكم على مدى التزام هذا العامل بمثل هذه النظم من خلال مراقبته في الفترة التجريبية إذا عمل فترة تجريبية.

٦. الصفات الشخصية: وهذه تختلف من شخص لآخر، ولكن لكل صاحب عمل حرية اختيار العامل المناسب حسب قناعته من وجود هذه الصفات أو عدمها، ومن هذه الصفات (الصدق، العفة، الوقار، الحِلم، الهيبة، سداد الرأي، صواب القرار، القدرة على التعامل مع ضغط العمل، القدرة على حل المشكلات التي تعترضه أثناء العمل)،ويُمكن الكشف عن هذه الصفات من خلال المقابلة الشخصية التي تسبق التوقيع على العقد، ولنا من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - شاهد على تحري بعض هذه الصفات، وذلك حينما بعث معاذ بن جبل (٢) - رضي الله عنهم - لليمن قاضياً إلى اليمن فقال له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله؟ قال: اجتهد رأيي ولا آلو (لا أُقصّر) قال: فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله (٣) ".


(١) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام مالم تكن معصية، ص ٣٥٢، برقم (٧١٤٤).
(٢) شهد العقبة وهو ابن ثمان عشرة سنة أو دونها، شهد غزوة بدر والمشاهد كلها، كان من نجباء الصحابة وفقهائهم، حدّث عنه أنس بن مالك، قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -:" أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ" استشهد في الطاعون بالأردن سنة ١٨هـ، وكان عمره ٣٥ سنة. السيوطي، تذكرة الحفاظ، ص١٥.
(٣) رواه أبو داود في سننه، كتاب القضاء، باب اجتهاد الرأي في القضاء، ص ٦٤٤، برقم (٣٥٩٢)، وقال عنه الألباني: ضعيف، وقال عنه ابن حزم: لا يصح، لأنه لم يروه أحدٌ إلا الحارث بن عمرو، وهو مجهولٌ، لا ندري مَنْ هو عن رجالٍ من أهل حمص لم يُسَمِّهم، عن معاذ. ابن حزم، علي بن محمد، المحلّى، ج١، ص٦٢، بدون رقم طبعة، المكتب التجاري للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.