للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الساعة للعامل في الأعمال الأخرى على اعتبار أن الراحة الأسبوعية هي يوم واحد، وهذا يعني أن القانون قد أقام الحُجّة على العامل في ضرورة إتقان العمل، ولم يدع له مجالاً للتذرع بالتعب والإرهاق، ولكنّ المهم هو المقدار الزمني الفعلي لتطبيق تلك الأوقات على أرض الواقع، لا سيما إذا التزم صاحب العمل بوقت الراحة اليومي، وهو ساعة زمنية تُعطى للعامل، فقد نصّت المادة رقم (٧٠) من قانون العمل الفلسطيني:" يجب أن يتخلل ساعات العمل اليومي فترة راحة أو أكثر، لراحة العامل، لا تزيد في مجموعها عن ساعة، مع مراعاة ألا يعمل العامل أكثر من خمس ساعات متصلة" (١)،ولا بدّ من التأكيد على أن التقصير في إتقان العمل يترتب عليه محاذير شرعية منها: اعتبار عدم إتقان العمل خيانة للأمانة، بل هو غشٌ في العمل وهذا محرّم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" من غشّ فليس مني" (٢)،

ومن الآثار التي تترتب على عدم إتقان العمل أنه "لو قصّر الأجير في حق المستأجر فنقصه من العمل، أو استزاده في الأجرة منعه (المحتسب) وأنكر عليه إذا تخاصما" (٣)، وقد يؤول التقصير بالعمل إلى نفور الناس عن التعامل معه، إن كان يزاول عملاً خاصاً، أو تعرضه للفصل من العمل إن كان موظفاً عاملاً.

وقد وردت آيات قرآنية تحثُّ على إتقان العمل، وأدائه على أفضل حال، فقال الله - سبحانه وتعالى -: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (٤)، وقول الله - سبحانه وتعالى -: {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} (٥)، وما ورد في مفاضلة سيدنا يوسف عليه السلام على إخوته قول الله - سبحانه وتعالى -: {وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ} (٦)، ولم تغفل الأحاديث النبوية الشريفة التأكيد على هذا المبدأ، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل زوجها، وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده، وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راعٍ،


(١) المصدر نفسه، ص ٣١.
(٢) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من غشّنا فليس منّا، ص ٥٦، برقم الحديث ١٠٢ ..
(٣) الماوردي، علي بن محمد بن حبيب، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، تحقيق عصام فارس الحرستاني، ص ٣٨٤، ط١، ١٩٩٦م، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، دمشق، سوريا.
(٤) سورة الإسراء، آية رقم ٣٥.
(٥) سورة الرحمن، الآيتان رقم ٨ - ٩.
(٦) سورة يوسف، آية رقم ٥٩.