للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحالة الأولى: التجهيل، وهو" عدم تبيين الأمين حال الأمانة التي بيده عند موته، مع علمه بأنّ وارثه لا يعرف كونها أمانة عنده" (١)، وعند الحنفية تنقلب الأمانات إلى كونها مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاث حالات: الناظر إذا مات مجهِّلاً غلّات الوقف، والقاضي إذا مات مجهِّلاً أموال اليتامى عند من أودعها، والسلطان إذا أودع بعض الغنيمة عند الغازي، ثم مات ولم يبين عند من أودعها (٢)، وقد وافق المالكية على ما ذهب إليه الحنفية ولكن بوجود اختلاف في التفصيل والتقييد والأحكام (٣)، وكذلك الشافعية وافقوا المالكية (٤)،وذهب الحنابلة إلى مثل ما ذهب الحنفية ونصّوا على ذلك في الوديع والمضارب والوكيل والأجير وعامل الوقف وناظره (٥).

الحالة الثانية: العُرف، حيث ذهب بعض فقهاء الحنفية إلى اعتبار العُرف موجباً لتغيّر يد الأمانة إلى يد ضمان (٦).

الحالة الثالثة: المصلحة، فقد ذهب المالكية في المشهور من مذهبهم إلى التضمين بناءً على المصلحة العامة وسدّاً لذريعة الفساد (٧)، ووجه المصلحة في تضمينهم: أن الناس لهم حاجة ماسّة بالصنّاع، ومن ثمّ يغيب صاحب المتاع عن متاعه، والغالب على الصنّاع التفريط وعدم الحفظ، ولو لم يضمنوا لأدّى ذلك إلى نتيجتين، الأولى ترك الاستصناع بالكلية، والثانية: ضياع الأموال وظهور الخيانة. (٨)


(١) ابن نجيم، زين العابدين بن إبراهيم، الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان، طبعة عام ١٩٨٠م، ص٢٧٣، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
(٢) المصدر نفسه، ص ٣٢٦.
(٣) مالك، المدونة، ج ١٥، ص١٤٩.
(٤) النووي، يحيى بن شرف، روضة الطالبين وعمدة المفتين، ج٥، ص ٣٨٧، طبعة عام ١٩٩٥م، دار الفكر، بيروت، لبنان. الباجوري، ابراهيم، حاشية الباجوري على ابن قاسم الغزّي، ج٢، ص٣٠،طبعة عام ١٩٣٠م، مطبعة عيس البابي وشركاؤه، مصر.
(٥) البهوتي، شرح منتهى الإرادات، ج ٢، ص٣٣٦. الكرمي، مرعي بن يوسف، دليل الطالب لنيل المطالب، ص ٢٩٣، ط١، ١٩٩٦م، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
(٦) ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص ١٠٩.
(٧) ابن رشد، محمد بن أحمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، تحقيق عبد الحكيم محمد، ج٢، ص٣٦٤،بدون رقم طبعة، المكتبة التوفيقية، مصر.
(٨) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، الاعتصام، تحقيق مشهور حسن آل سلمان، ج٣، ص١٩،بدون رقم طبعة، مكتبة التوحيد، السعودية.