للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (١) " (٢)، فدلّ على أن للإنسان أن يكتم من أموره ما يخشى أن يؤدي ظهور الأعداء عليه إلى الإضرار به، حتى لو كان أمراً مما يجب التصريح به في الأحوال العادية.

٢. قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" إذا حدّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة" (٣) وموضع الاستدلال أنه لو كان هناك اثنان يتحدثان، فالتفت أحدهما يميناً أو يساراً، ليتأكد من أنه لا يوجد من يسمعه، فبمجرد هذا الالتفات أصبح هذا الكلام أمانة، وهو سرّ، وليس هناك حاجة أن يقول إن هذا سرّ فاحفظه.

٣. قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" لا ضرر ولا ضرار" (٤) وموضع الاستدلال أن صاحب العمل إذا شعر بأن أسرار عمله قد يعرفها الناس، فإنه يُحجم عن تشغيل العمال إلا بمعايير دقيقة، أو قد لا يثق بهم، فلا يُطلعهم على ما يريدون من معلومات بالقدر الكافي، وبهذا يفقد العمل نسباً كثيرة من نسب النجاح، وفي ذلك ضرر واضح بالعامل وصاحب العمل.

٤. قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود" (٥)، وفي هذا الحديث ما يُلزم العامل بوجوب المحافظة على أسرار عمله وإبقائها طيّ الكتمان.

٥. قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" كفى بالمرء إثماً أن يحدّث بكل ما يسمع" (٦)، وفيه إشارة إلى وجود أسرار تُخفى عن الناس.

٦. ما جاء في كتاب أدب الدنيا والدين: "اعلم أن كتمان الأسرار من أقوى أسباب النجاح وأدوم لأحوال الصلاح" (٧).


(١) سورة الضحى، آية رقم ١١.
(٢) الجصاص، أحكام القرآن، ج٣، ص١٦٧.
(٣) رواه الترمذي في سننه، كتاب البر، باب ما جاء أن المجالس بالأمانة، ص٤٤٦، برقم (١٩٥٩)، وقال: حديث حسن. ورواه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب في نقل الحديث، ص ٧٣٠، برقم (٤٨٦٨).
(٤) سبق تخريجه ص ٤٨.
(٥) الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ج٢٠،ص٩٤، بدون رقم طبعة، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، مصر. البيهقي، أحمد بن الحسين، شعب الإيمان، تحقيق محمد السعيد بن بسيوني زغلول، ج٥، ص٢٧٧، ط١، ٢٠٠٠م، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان. والحديث صحيح، الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، ج٣، ص٤٣٦، برقم ١٤٥٣.
(٦) رواه مسلم في مقدمة صحيحه، ص٩.
(٧) الماوردي، علي بن محمد بن حبيب، أدب الدنيا والدين، تحقيق مصطفى السّقا، ص ٢٩٥، ط٤، ١٩٧٨م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.