للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" (١)، وقوله أيضاً:" المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدّ بعضه بعضاً" (٢).

وفي هذا المجال يُمكن تقسيم الناس باعتبار ما يقدمونه من معونة لبعضهم، وبما يحققه هذا التعاون من معاني الأخوة والإنتاج إلى أقسام أربعة على النحو الآتي:

١. من يُعين ويستعين، وهذا الذي يؤدي ما عليه من واجبات ويأخذ ما له من حقوق، وهو أعدل الناس.

٢. من لا يُعين ولا يستعين، وهذا النوع من الناس منع خيره وقمع شرّه، فلا هو مع الأصدقاء فيُرتجى نفعه، ولا مع الأعداء فيُخاف شرّه، وهو متروك بين الناس ومُلام بينهم.

٣. من يستعين ولا يُعين، وهذا صاحب طبع لئيم وسجية مرفوضة، حيث يطلب من الناس العون، ولا يُقدّم لهم المعونة عند حاجتها.

٤. من يُعين ولا يستعين، وهو صاحب خُلُق كريم، فهو لا يتوانى في مساعدة الآخرين، ويمنعه تعففه من طلب العون. (٣).

وحبّذا لو جعل العامل نفسه مع القسم الأخير، وإن كان من الصعوبة بمكان؛ لأنه لا يُمكن للإنسان أن يقضي حاجاته دون طلب العون من أحد، وإن عُدم ذلك فليكن من الصنف الأول الذي يُقدّم واجبه ثم يطالب بحقه.


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأيمان، باب المعاصي من أهل الجاهلية ولا يكفّر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك، ص٢٧ برقم (٣٠). ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الأيمان، باب إطعام الملوك مما يأكل وإلباسه ما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه، ص٨٣٢، برقم (١٦٦١)
(٢) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا، ص١٥٢٨، برقم (٦٠٢٦)، ورواه مسلم في صحيحه، كتاب البرّ والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، ص ١٠٨٧، برقم (٢٥٨٥).
(٣) الماوردي، أدب الدنيا والدين، ص ١٧٢،بتصرف.