للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنصاري، ووضع له خطة إنتاجية (خمسة عشر يوماً)، استطاع من خلالها أن يوفّر للأنصاري الاكتفاء الذاتي، في ظلّ وجود رأس مالٍ بسيط (درهم واحد) (١)، ومن خلال التأمل في الحديث السالف الذكر (حديث الاحتطاب) يُمكن استنباط مايلي:

١. ينبغي على العامل القادر على العمل أن يرفع أمره إلى ولي الأمر، أو من ينوب عنه، وهو ما نصّ عليه قانون العمل الفلسطيني في المادة رقم (١٠) " على كل شخص قادر على العمل وراغب فيه أن يُسجّل اسمه في مكتب العمل الواقع في دائرة إقامته" (٢).

٢. يجب على الدولة أو ولي أمر المسلمين أو نائبه أو من يوكل إليه الأمر في الدول الحديثة أن ينظر فوراً -بدون تأخير- في أي طلب يُقدّم إليه، وأن لا تتراكم القوائم، وتُدخَل البيانات على أجهزة الحاسوب ثم تُهمل، ويبقى الناس ينتظرون حتى تأتي المشاريع التشغيلية من الشرق أو الغرب، بل تسعى الدول للتشغيل بمقابل محدود.

٣. أن تستفيد الدول من قدرات العاملين ومؤهلاتهم، وتستغلّ ذلك في النافع المفيد.

٤. لا بدّ من مراقبة العمّال ومحاسبتهم باستمرار، ثم يتبع ذلك تقويم الأنشطة التي يقوم بها العامل من أجل الشعور بالمسئولية.

٥. تُلزم الدولة بالقضاء على التسوّل، وذلك بإيجاد بديل مقابل ومتزامن، مع الدعوة لمنع التسوّل والبطالة.

ويتضمن هذا التخطيط النبوي كل الأشغال الأخرى، من الصناعة والزراعة والتجارة، بحيث يؤدّي إلى الكسب، من خلال هذا الواجب المُلقى على الدولة كان لها أن لا توجب الزكاة على آلات الحرفيين، وفي ذلك يقول صاحب الفتاوى الهندية:" وكذا كتب العلم إن كان من أهله، وآلات المحترفين التي ينتفع بنفسها، ولا يبقى أثرها في المعمول" (٣) وفي هذا النص ما يُبين حرص الإسلام على تشجيع العلم وأهله، كما فيه تشجيع الاحتراف والمحترفين.

وقد نصّ قانون العمل الفلسطيني على إلزام الدولة بتوفير فرص عمل لكل القادرين عليه، حيث نصّت المادة رقم (٢) منه أن" العمل حق لكل مواطن قادر عليه، تعمل السلطة الوطنية على توفيره


(١) العلي، صالح حميد، عناصر الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي والنُّظم الاقتصادية المعاصرة، ص ٢٢٨، ط١، ٢٠٠٠م، دار اليمامة للطباعة والنشر، دمشق، سوريا، أصل الكتاب رسالة ماجستير من كلية الشريعة، جامعة دمشق، بإشراف الدكتور محمد الزحيلي.
(٢) وزارة العمل، قانون العمل الفلسطيني، ص ١٣.
(٣) نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، ج١، ص ١٧٢، ط٣، ١٩٧٣م، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.