للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢. أن يتواضع معه، فلا يتكبّر عليه؛ لأن ذلك يُشعرهم بالطمأنينة، وعدم الحرج من العسر والمشقة والفقر، كما أن التكبّر عليهم يُشعرهم بالذّل والاحتقار، وأن لا قيمة لهم في المجتمع، مما يُسبب لهم الكآبة في المعيشة، وفي الكلمات المستعملة في مخاطبة العمّال قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا يقل أحدكم عبدي وأمتي بل ليقل فتاي وفتاتي " (١) هذا وإن كان لفظ الحديث يختصّ بالعبيد إلا أنه يُستفاد منه حُسن اختيار الكلمات مع العمّال، وقد ذمّ الله - سبحانه وتعالى - المتكبرين من الناس، ومدح التواضع والمتواضعين، ووعدهم بحُسن الجزاء، فقال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢).

٣.على صاحب العمل أن يهتم بأخلاق العمّال، لما في ذلك من مصلحةٍ راجعةٍ على العمل وقدرة الإنتاج، ولم ينصّ قانون العمل الفلسطيني على ضرورة معاملة العامل معاملة كريمة تليق بإنسانيته، وإنما جعل تحقير العامل سبباً من أسباب ترك العامل لعمله بعد إشعار صاحب العمل بذلك، حيث نصّت المادة رقم (٤٢) من القانون على أنه يجوز للعامل ترك العمل بعد إشعار صاحب العمل في حالات خمس منها" اعتداء صاحب العمل أو من يمثله على العامل أثناء العمل أو بسببه بالضرب أو التحقير" (٣)، ومما يؤخذ على هذا النصّ مايلي:

١. حبّذا لو سُبق هذا النص بنصٍّ يمنع صاحب العمل من إهانة العامل ابتداءً، أو يُلزم صاحب العمل باحترام العامل.

٢. أن ينصّ القانون على أن الإهانة المعتبرة هي أثناء فترة العمل، أو تكون بسببه، وهنا قد يثور التساؤل الآتي: ماذا عن إهانة العامل خارج أوقات الدوام الرسمي؟ أو كانت الإهانة بغير سبب العمل؟.

٣. هل يبقى العامل منتظراً حتى تصدر الإهانة الجارحة بحقه، ثم يترك العمل؟ أم أن الخشونة في التعامل بذاتها هي إهانة؟.

٤. لا يوجد معيار محدد في القانون لبيان الإهانة التي يستطيع العامل ترك العمل، مع احتفاظه بحقوقه، ويرجع ذلك للقاضي عند التقاضي، ومما يُذكر لقانون العمل السعودي - دون غيره حسب علمي- أنه أشار في المادة رقم (٦١) " يُمنع صاحب العمل عن تشغيل العامل سُخرة، وأن لا


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق، ص٦١١، برقم (٢٥٥٢)،ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الألفاظ من الأدب، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيّد، ص٩٦٢، برقم (٢٢٤٩)
(٢) سورة الشعراء، آية رقم ٢١٥.
(٣) وزارة العمل، قانون العمل الفلسطيني، ص ٢٢.