الله بن أنس بن مالك، فإنه وإن احتج به البخاري فقد اختلفوا فيه اختلافاً كثيراً كما ترى في التهذيب وغيره، وذكره الذهبي في المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ١٢٩/ ١٩٠. فهو وسط. وأفاد الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح ص٤١٦ أن البخاري لم يحتج به إلا في روايته عن عمه ثمامة وأنه إنما روى له عن غيره متابعة. قلت: فلعل ذلك لصلة عبدالله بعمه ومعرفته بحديثه فهو به أعرف من حديث غيره فكأن البخاري بصنيعه هذا الذي أشار إليه الحافظ يوفق بين قول من وثقه وقول من ضعفه، فهو في روايته عن عمه حجة، وفي روايته عن غيره ضعيف. ولعل هذا هو وجه إيراد الضياء المقدسي للحديث في المختارة، وسكوت من سكت عليه من الأئمة، كما أشرت إليه آنفاً.
وأما الحافظ ابن حجر فقد تناقض كلامه في هذا الحديث تناقضاً عجيباً، فهو تارة يقويه، وتارة يضعفه في المكان الواحد! فقد نقل في الفتح ٩/ ٥٩٤ - ٥٩٥ عن الإمام الرافعي أن الاختيار في العقيقة أن لا تؤخر عن البلوغ، وإلا سقطت عمن كان يريد أن يعق عنه، لكن إن أراد أن يعق عن نفسه فعل، فقال الحافظ عقبه: [وكأنه أشار بذلك إلى أن الحديث الذي ورد: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن نفسه بعد النبوة) لا يثبت وهو كذلك]. ثم أخرجه من رواية البزار الضعيفة، ثم قال: [وأخرجه أبو الشيخ من وجهين آخرين:
أحدهما: من رواية إسماعيل بن مسلم عن قتادة عن أنس. وإسماعيل ضعيف أيضاً. فلعله سرقه من عبد الله بن محرر.
ثانيهما: من رواية أبي بكر المستملي عن الهيثم بن جميل ... والهيثم ثقة، وعبد الله من رجال البخاري. فالحديث قوي الإسناد، وقد أخرجه ابن أعين