للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدعاء مع الرجاء وكثرة الاستغفار من أعظم أسباب المغفرة]

روى الترمذي بسند حسن وحسنه الألباني رحمه الله في الصحيحة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي.

يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرت لك.

يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)، فهذا الحديث يبين لنا ثلاثة أسباب من أعظم أسباب المغفرة.

أما السبب الأول: فهو الدعاء مع الرجاء: (يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني)، وهو من أعظم أسباب المغفرة.

السبب الثاني من أسباب المغفرة: كثرة الاستغفار، وهو طلب المغفرة من الله عز وجل.

قال الحسن: أكثروا من الاستغفار على موائدكم وفي طرقكم وفي مجالسكم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة، وروي أن لقمان قال لابنه: يا بني! عود لسانك: اللهم اغفر لي.

فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً، وقال علي رضي الله عنه: ما ألهم الله عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه؛ لأن الله عز وجل إذا أراد لعبد خيراً فتح له باب الخير، فإذا أراد أن يغفر له ألهمه الاستغفار، فيستغفر العبد فيقبل الرب عز وجل منه ويغفر له، كما إذا أراد الله عز وجل أن يتوب على عبد يوفقه للتوبة ويقبل منه توبته.

قال عز وجل: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة:١١٨]، وإذا أراد الله أن يعطي عبداً مسألة يفتح عليه باب الدعاء بهذه المسألة، فيسأل العبد ربه فيقبل الرب عز وجل منه ويعطيه سؤله، فالله عز وجل هو الأول والآخر والظاهر والباطن، كذلك تقول عائشة رضي الله عنها: طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً.

فينبغي للعبد أن يكثر من استغفار الله عز وجل، روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله عز وجل في اليوم مائة مرة، وكان يقول: (توبوا إلى الله واستغفروه فوالله إني لأتوب إليه وأستغفره، في اليوم أكثر من سبعين مرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>