السبب الثالث وهو من أعظم أسباب المغفرة: توحيد الله عز وجل: (يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا؛ ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).
يقول ابن القيم رحمه الله: يعفى لأهل التوحيد المحض الذين لم يشوبوه بشيء ما لا يعفى لغيرهم، فلو أتى الموحد الذي أخلص توحيده لله عز وجل ربه بقراب الأرض خطايا لأتاه الله عز وجل بقرابها مغفرة، ودل على ذلك أيضاً حديث البطاقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(يصاح على رجل من أمتي يوم القيامة فيقال: احضر وزنك، وينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مد البصر مليئة بالذنوب والخطايا، فتوضع في كفة، ويظن أنه هالك، فيؤتى له ببطاقة عليها لا إله إلا الله، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فتطيش السجلات وتثقل البطاقة).
يقول ابن القيم: إن هذا الرجل حقق التوحيد، ووقع في ذنوب دون الشرك، فليست هذه بطاقة كل مسلم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والله تعالى يقول:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:١٠٦]، ولكن هذا الرجل قام بالتوحيد حق القيام، ووقع في ذنوب دون الشرك، فنجا ببركة التوحيد وفضله، فينبغي للعبد أن يخلص توحيده لله عز وجل، فالتوحيد هو الإكسير الأعظم الذي لو وضعت منه ذرة على جبال من الذنوب لنسفتها نسفاً، قال الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨]، وقال:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}[المائدة:٧٢].
فينبغي للعبد أن يحقق التوحيد بقلبه وجوارحه، حتى يكون على رجاء المغفرة من الله عز وجل.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.