للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فسبحانه خلق الأزواج كلها مما يعلمه الناس من الأرض ومن أنفسهم وكذلك مما لا يعلمون. فهذه مظاهر القدرة والنعمة والإحياء بعد الموت فيما يشاهد الناس فى الأرض، قال تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦).

ثم تقدم الآيات الكريمة آية أخرى تتصل بالسماء وما فيها من آيتى الشمس والقمر وما يتبع ذلك من آيتى الليل والنهار، وفيها كذلك آيات القدرة والنعمة والإحياء والإحكام، فالليل يسلخ منه النهار فتكون الظلمة والشمس تجرى فيكون النهار، وتغيب فيكون الليل ومعه القمر بمنازله، والكل يسبح وفق تقدير الخالق سبحانه. قال تعالى:

وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠).

ثم تقدم الآيات الكريمة آية أخرى فى الفلك المشحون وما يكون من أمر تطورها بفضل الله فى تعليم الإنسان وتوجيهه ليصل إلى تسييرها بما يكتشف من قوى حتى يصل بها إلى أقصى سرعة مستطاعة فى السير، ثم ما يكون على شاكلتها من مخترعات أخرى، فيحمل الإنسان على الماء كما يحمل فى الهواء وهذه من الآيات الباهرات كذلك والدالة على قدرة الله سبحانه فى تسيير الإنسان فى البر والبحر والجو برعايته وعنايته وحفظه، قال تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤).

وتكشف الآيات الكريمة بعد ذلك لهؤلاء المكذبين حقيقة موقفهم مع هذه الآيات البينة وأن نظرهم إليها لا يثمر؛ لأنهم معرضون ولا تجعلهم كذلك أهلا للنصح بل يظل هؤلاء فى تخبط أفكارهم الباطلة.

فإذا دعوا إلى التقوى لا يتقون، وإذا دعوا إلى ملء بطون الجائعين أعماهم فكرهم السقيم. قال تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ

<<  <   >  >>