وصفاتها، والوجوب الشرعي هنا ما يثاب على فعله، ويعاقب على تركه، والعرفي ما لا بد منه في فعله، ولا يستحسن تركه، ويجب هنا حمل كلام المصنف على المعنى الاصطلاحي، وهو لا ينافي الوجوب الشرعي، ومن الملاحظ هنا أن جميع ما في هذه المقدمة ليس من هذا القبيل إلا إذا حمل على وجوب الكفاية، فمن اتصف بالفصاحة كالعرب الفصحاء وغيرهم ممن رزقه الله تعالى القراءة بالسليقة دون تعلم الأحكام فلا شك أنه ليس معناه الواجب عند الفقهاء الذي يعاقب على تركه، وأما من لم يتصف بما ذكر فلا بد في حقه من التجويد وعليه يحمل كلام الناظم ويراد به الوجوب الشرعي.)
(٦)(مخارج الحروف) وهذا الكلام تكملة للكلام السابق، وكأن المصنف يريد أن يقول: من الواجب على كل قارئ قبل الشروع في قراءة وتعلم القرآن أن يعلم أولا مخارج
الحروف، وصفاتها، والمخرج: هو موضع خروج الحرف بواسطة صوت وهو هواء يتموج بتصادم جسمين، وإذا اتبع طالب العلم ذلك وأخذ العلم بالأداء عن أفواه وأسماع المشايخ تكون النتيجة أن يلفظ بلغة فصيحة صحيحة، وهنا يكون قادرا على تلقي القرآن، والحروف المقصودة هي الحروف الهجائية، وهي تسعة وعشرون حرفا، و (ليلفظوا) أي لينطقوا بلغة فصيحة مليحة إذا عرف الطالب كيف يخرج الحرف من مخرجه، وما الصفة التي تصاحبه وقت خروجه استطاع أن ينطق بأفصح اللغات.
وأفصح اللغات لغة قريش، وهي أفصح من لغات سائر العرب العرباء، وهم قوم النبي - صلّى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ، ولقوله عليه السلام:«أحب العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة في الجنة عربي» والحديث أخرجه الطبراني والحاكم والضياء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ولا غرابة في ذلك فقد أنزل القرآن بلغة قريش، وقد يتولد الحرف من حرفين، ويتردد بين مخرجين بعضها فصيح وبعضها غير فصيح، والوارد من الثاني في القرآن خمسة: الألف الممالة، والهمزة المسهلة، واللام المفخمة، والصاد كالزاي والنون المخفاة، واللغات جمع لغة، وهي الألفاظ الموضوعة من لغى بالكسر