(٩) مخارج الحروف سبعة عشر ... على الّذي يختاره من اختبر
ــ
(٩)(مخارج) جمع مخرج، والمخرج هو محل الخروج، وفي الاصطلاح:
محل خروج الحرف الذي ينقطع عنده صوت النطق بالحرف فيتميز عن غيره، وطريقة معرفة مخرج الحرف: هو النطق به ساكنا أو مشددا بعد همز وصل محرك بأية حركة، ثم يصغى إليه، فحيث ما انقطع صوت النطق بالحرف فهو مخرجه نقول مثلا:(ام، ام) فنعرف أن مخرج الميم من الشفتين، أي أنه حرف شفوى، وهكذا في باقي الحروف الهجائية، أي يمكن بذلك معرفة مخارجها، والحروف هي الحروف الهجائية وعددها تسعة وعشرون حرفا باتفاق البصريين إلا المبرد فإنه جعل الألف والهمزة واحدا محتجا بأن كل حرف يوجد مسماه في أول اسمه والألف أوله همزة، والتحقيق في الفرق بينهما أن الألف لا تكون إلا ساكنة ولا يتصور أن يوجد لها اسم يكون مسماه ساكنا والهمزة إنما تكون متحركة أو مجزومة فكان حقها أن يقال لها: أمزة لكنها أبدل منها هاء، ولذا قيل: دليل تعددهما إبدال أحدهما من الآخر كما حقق في الآل والأهل وأراق وهراق والشيء لا يبدل من نفسه، والحاصل أن الألف على نوعين: لينة وغيرها فهو أعم لغة واعتبارا وإن كان مغاير الهمزة اصطلاحا، وأن مخرج الهمزة محقق ومخرج الألف مقدر.
وقد قسم علماء هذا الفن المخارج إلى عامة وخاصة، فالعامة التي تشتمل على مخرج فأكثر، والخاصة المحددة التي لا تشتمل إلا على مخرج واحد، وقسّمت بعد ذلك إلى خمسة رئيسية، تحتوى على سبعة عشر مخرجا، وهي عند جمهور العلماء (الجوف، والحلق، واللسان، والشفتان، والخيشوم)، وقد ذهب بعض أهل العلم - ومنهم الشاطبي - رحمه الله - إلى أنها ستة عشر مخرجا تنحصر في أربعة مخارج عامة هي:(الحلق، وفيه ثلاثة، اللسان وفيه عشرة، الشفتان وفيه مخرجان، الخيشوم وفيه مخرج واحد).
ومن الملاحظ أنهم أسقطوا الجوف، أما الفرّاء ومعه بعض أهل فن التجويد واللغة، فقد ذهبوا إلى أن عدد المخارج أربعة عشر مخرجا عاما هي:(الحلق وفيه ثلاثة، واللسان
فيه ثمانية، والشفتان وفيه مخرجان، والخيشوم وفيه مخرج واحد.
والمقصود ب (الذي يختاره من اختبر) أي هم أهل المعرفة بهذا الفن كالخليل ابن أحمد، وسيبويه، والفراء، وغيرهم.