(٢٨) لأنّه به الإله أنزلا ... وهكذا منه إلينا وصلا
ــ
دواؤنا، فلا يحمل على ضرورة الوزن هذا ومن موصولة، وإن جعلت شرطيه فحذف الفاء من قبيل «من يعمل الحسنات الله يشكرها».
(٢٨)(لأنه به الإله أنزلا) والمقصود بذلك لأن الله تعالى أنزل القرآن الكريم بالتجويد أي نزل مجودا هكذا أخذه الرسول - صلّى الله عليه وسلم - مشافهة من جبريل عليه السلام، وهكذا لأن الله أنزل في القرآن الأمر بالتجويد حيث قال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ومن المعلوم أن النبي - صلّى الله عليه وسلم - كان مجودا كما أنزل لكنه خطاب له، والمراد أمته ونقل عن على كرم الله وجهه أنه قال: الترتيل هو التجويد للحروف ومعرفة الوقوف، لكن فيه أن فيه معرفة الوقوف ليست من الواجبات لقول الناظم: وليس في القرآن من وقف وجب، ومعرفة الوقوف من الأشياء التي لا بد لكل قارئ معرفتها تماما لكن لا يقع في المحظور وهو الوقف على كلمة تخل بالمعنى، وقد ورد عن مجاهد أنه قال:«ترسل فيه ترسلا» أي تمهل في المبني ليتبين لك المعنى كما قال تعالى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ وقال: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، وعن الضحاك أنه قال:«انبذه حرفا حرفا» وعن ابن عباس: بينه تبيينا. وقال بعض العلماء: أي تلبث وتثبت في قراءتك وافصل الحرف من الحرف الذي بعده ولا تستعجل فيتداخل بعض الحروف في بعض، وكذلك ورد في قوله تعالى: وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا أي أنزلناه بالترتيل أي بالتجويد، فإنه أنزل بأفصح اللغات، وأما ما روي عنه - صلّى الله عليه وسلم -: «رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه» فإنه متناول لمن يخل بمبناه أو مبانيه أو معانيه أو بالعمل بما فيه، وفي ذلك لا بدّ من التحرز من اللحن، وهو هنا الخطأ والميل عن الصواب.
وقال:(وهكذا منه إلينا وصل) أي وصل القرآن من الإله جل في علاه بواسطة الأمين جبريل مجودا كما قلنا إلى الرسول - صلّى الله عليه وسلم - ببيان متواتر من اللوح المحفوظ، ونقله النبي - صلّى الله عليه وسلم - إلى الصحابة، وتعلم التابعين ثم أتباعهم وهكذا إلى مشايخنا - رحمهم الله - متواتر بوصف الترتيل المشتمل على التجويد والتحسين وتبيين مخارج الحروف وصفاتها وسائر متعلقاتها التي هي معتبرة في لغة العرب الذي نزل القرآن الكريم بلسانهم لقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ