للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عند الجمهور، وقد أدخلت هذه الدراسة المقارنة في مناهج الدراسة في الكليات وفي كتب المؤلفين في الفقه الإسلامي، وإنني شخصياً - منذ بدأت التدريس في الجامعة - أسير على هذا النهج في دروسي ومؤلفاتي.

ولكن الواقع أن أكثر علماء الشِيعَةِ لم يفعلوا شيئاً عملياً حتى الآن، وكل ما فعلوه جملة من المجاملة في الندوات والمجالس، مع استمرار كثير منهم في سَبِّ الصَحَابَةِ وإساءة الظن بهم، واعتقاد كل ما يروى في كتب أسلافهم من تلك الروايات والأخبار، بل إن بعضهم يفعل خلاف ما يقول في موضوع التقريب، فبينما هو يتحمس في موضوع التقريب بين السُنَّةِ وَالشِيعَةِ، إذا هو يصدر الكتب المليئة بالطعن في حق الصحابة أو بعضهم مِمَّنْ هم موضع الحب والتقدير من جمهور أَهْلِ السُنَّةِ.

في عام ١٩٥٣ زرت عَبْدَ الحُسَيْنَ شَرَفَ الدِّينِ في بيته بمدينة «صور» في جبل عامل، وكان عنده بعض علماء الشِيعَةِ، فَتَحَدَّثْنَا عن ضرورة جمع الكلمة وإشاعة الوئام بين فريقي الشِيعَةِ وَأَهْلِ السُنَّةِ، وأن من أكبر العوامل في ذلك أن يزور علماء الفريقين بعضهم بعضاً، وإصدار الكتب والمؤلفات التي تدعو إلى هذا التقارب. وكان عَبْدُ الحُسَيْن - رَحِمَهُ اللهُ - مُتَحَمِّسًا لهذا الغرض، وخرجت من عنده وأنا فرح بما حصلت عليه من نتيجة، ثم زُرْتُ في بيروت بَعْضَ وجوه الشِيعَةِ من سياسيين وَتُجَّارَ وأدباء لهذا الغرض، ولكن الظروف حالت بيني وبين العمل لتحقيق هذه الفكرة، ثم ما هي إلا فترة من الزمن حتى فوجئت بأن عَبْدَ الحُسَيْنِ أصدر كتاباً في أبي هريرة (*) مليئاً بالسباب والشتائم!! ولم يتح لي حتى الآن قراءة هذا الكتاب الذي ما أزال أسعى للحصول على نسخة منه، ولكني علمت بما فيه مِمَّا جاء في كتاب أَبِي رَيَّةَ من نقل بعض محتوياته ومن ثناء الأستاذ عليه، لأنه يتفق مع أَبِي رَيَّةَ في هذا الصحابي الجليل (١)


(*) [طبع كتاب " أبو هريرة " لعبد الحسن شرف الدين الموسوي، الطبعة الثانية: ١٣٧٥ هـ - ١٩٥٦ م في ٢٩٦ صفحة، منشورات الطبعة الحيدرية في النجف].
(١) ذكرت هنا في هذه المقدمة التمهيدية للطبعة الأولى أني لم أكن حين كتابتها أملك

<<  <   >  >>