للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة، وذلك هو قوله: «وَاَلَّذِي عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ، وَجَمَاهِيرُ الْخَلَفِ» (*) أفلا ترى هذا رداً واضحاً على ما زعمه المؤلف من أن المتأخرين هم أكثر من المُتَقَدِّمِينَ تعديلاً للصحابة؟

هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ يكذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟:

ولم يكتف المؤلف بهذا، بل زاد على ذلك زعماً آخر، تأكيداً لما رمى إليه من التهوين بشأن الصحابة، وذلك أنه قال بعد ما تقدم (١): «ويظهر أن الصحابة أنفسهم في زمنهم كان يضع بعضهم بعضاً موضع النقد، وينزلون بعضاً منزلة أسمى من بعض». إلخ، يريد بذلك أن يعترض على موقف (أكثر) النُقَّادِ من عدالة الصحابة، وَيُبَيِّنُ ألاََّّ مجال لهذا التعديل على الإطلاق، فقد كان الصحابة يشك بعضهم في صدق بعض، وَضَعَ بعضهم بعضاً موضع النقد، ودلل على ذلك بثلاثة أمور:

١ - ما نقله من نقد ابن عباس، وعائشة لأبي هريرة.

٢ - ما سبق أن ذكره من أن بعض الصحابة كان إذا رُويَ له حديث طلب من المُحَدِّثِ دليلاً على صدقه.

٣ - ما حصل بين عمر وفاطمة بنت قيس.

وإليك ما يرد استدلاله بهذه الأدلة الثلاثة، ويجعل دعواه عرجاء لا سند لها من التاريخ.

أما أن الصحابة كان يشك في صدق بعض فهذه دعوى لا برهان لها إلا في كتب الروافض من غُلاَةِ الشِيعَة الذين نقلوا عن عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - تكذيبه لمن خالفه من الصحابة وسبه لهم، وإطلاق لسانه فيهم، ولكن النقل الصحيح والتاريخ النزيه عن أهواء ذوي الغايات، يثبت ببيان لا غموض فيه أن الصحابة كانوا أبعد الناس عن أَنْ يَسُبَّ بعضهم بعضاً، أو يشك بعضهم في صدق بعض والأدلة على هذا متوافرة جِدًّا،


(١) ص ٢٦٥.

<<  <   >  >>