للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَيَّةَ بكل ما رواه الصحابة عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنهم كانوا أُمِيِّينَ لايقرؤون ولا يكتبون؟ لا أدري إن كان هذا مِمَّا يؤدي إليه التحقيق العلمي الذي لم ينسج على منواله أحد!.

رَابِعًا - فَقْرُهُ:

لقد حرص «أَبُو رَيَّةَ» في أكثر من موضع من بحثه عن أبي هريرة أن يظهر احتقاره لأبي هريرة وتشهيره به لأنه كان فقيراً معدماً لا يملك شيئاً، ولأنه كان يلازم رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحفظ حديثه ويتعلم هدايته على أن ينال مع ذلك ما يشبع بطنه، وقد كَرَّرَ القول بأنه كان مهيناً في قبيلته، وأنه لم يكن من أشراف العرب ولا رؤسائهم المعروفين ... ومن أجل هذا كله استحق «أبو هريرة» عند «أَبِي رَيَّةَ» الهوان والاحتقار!.

لقد كنا نفهم من رجل غني صاحب جاه ونفود أن يحتقر الفقراء ويزدريهم، وكنا نفهم من أعداء الأنبياء ومحاربي دعواتهم أن يقولوا لهم ما قال قوم نوح لنوح - عَلَيْهِ السَلاَمُ - {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} (١).

وكنا نفهم أن يكون الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر، يجعلون من نعيم الدنيا ومالها وثرواتها مقياساً للكرامة والاحترام.

وكنا نفهم أن تكون البيئات الأرستقراطية الرأسمالية هي التي تستعلي على الفقراء وتزدريهم وتمتهن أقدارهم.

لقد كنا نفهم كل هذا إلا من مثل «أَبِي رَيَّةَ» فبأية عقلية يتكلم عن فقر أبي هريرة وعدم وَجَاهَتِهِ أبعقلية الذين يُكَذِّبُونَ رُسُلُ اللهِ وأنبياءه؟ فإن كان هو مِمَّنْ يؤمن بالله ورسله وبما جاء في كتابه، فإن الله حكى عن نوح - عَلَيْهِ السَلاَمُ - أنه قال للذين ازدروا أتباعه المؤمنين الفقراء: {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} (٢) ثم


(١) [سورة هود، الآية: ٢٧].
(٢) [سورة هود، الآية: ٢٩].

<<  <   >  >>