للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شبهة يعلق بها ليؤكد باطله، لا عن «بَاحِثٍ» علمي يسعى وراء الحقيقة بكل تجرد وإخلاص.

إن المرء حيث يضع نفسه، وقد شاء «أَبُو رَيَّةَ»، بهذا «التحقيق العلمي الذي لم ينسج أحد من قبل على منواله!» أن يضع نفسه مع الكَذَّابِينَ وَالمُفْتَرِينَ من أهل الريب والأهواء، فليكن له ما أراد ... أما أبو هريرة فقد بَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا رماه به هذا المُحَقِّقُ العلمي الذي لم يسبقه أحد إلى هذا التحقيق! ..

تَاسِعًا - كَثْرَةُ أَحَادِيثِهِ:

انتقد أبو رية على أبي هريرة كثرة أحاديثه التي بلغت على ما جاء في «مسند بقي بن مخلد» ٥٣٧٤ - مع أن طرقها إلى أبي هريرة ليس كلها محل التسليم عند علماء الحديث - واستغرب ذلك أبو رية مع أن أبا هريرة لم يصحب النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا ثلاث سنين.

َوقد قدمنا فيما مضى سبب ذلك ونزيد هنا ما رواه ابن كثير أن مروان بن الحكم قال لأبي هريرة مغضباً حين نازعه في دفن الحسن مع رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا إِنَّك أَكْثَرْتَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» الحديث (*)، " وَإِنَّمَا قَدِمْتَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَسِيرٍ "، فقال أبوهريرة: " نَعَمْ! قَدِمْتُ وَرَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ زِدْتُ عَلَى الثَّلاَثِينَ سَنَةً، سَنَوَاتٍ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، أَدُورُ مَعَهُ فِي بُيُوتِ نِسَائِهِ وَأَخْدِمُهُ، وَأَنَا وَاللهِ يَوْمَئِذٍ مُقِلٌّ، وَأُصَلِّي خَلْفَهُ، وَأَحُجُّ وَأَغْزُو مَعَهُ، فَكُنْتُ وَاللَّهِ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِهِ، قَدْ وَاللَّهِ سَبَقَنِي قَوْمٌ بِصُحْبَتِهِ وَالهِجْرَةِ إِلَيْهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ، وَكَانُوا يَعْرِفُونَ لَزَوَمِي لَهُ فَيَسْأَلُونِي عَنْ حَدِيثِهِ، مِنْهُمْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَلاَ وَاللَّهِ مَا يَخْفَىَ عَلَيَّ كُلُّ حَدِيثٍ كَانَ بِالمَدِيْنَةِ، وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ، وَكُلُّ صَاحِبٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٌ صَاحِبَهُ فِي الغَارِ، وَغَيُّرُهُ قَدْ أَخْرَجَهُ رَسُولُ الْلَّهِ أَنْ يُسَاكِنَهُ (١) - يُعَرِّضُ بِأَبِي مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ " - ثُمَّ قَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ: " لَيَسْأَلْنِيْ


(١) أي كراهية أن يساكنه ويكون معه في المدينة.

<<  <   >  >>