للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العَمَلُ بَخَبَرِ الوَاحِدِ:

ذكر المؤلف (١) أن علماء الحديث قسَّمُوه إلى قسمين «متواتر» وهو يفيد العلم ولكنه لم يوجد، وبعضهم قال بوجود حديث واحد، وبعضهم أوصل التواتر إلى سبعة، وآحاد: وهو يفيد الظن، ويجوز العمل به عند ترجيح الصدق ... إلخ».

وهذا كلام ينبغي الوقوف عنده، فإن الذين اختلفوا في عدد التواتر كانت وجهات نظرهم مختلفة، كما نص على ذلك السيوطي، وإلا فَمِمَّا لا شك فيه أن أحاديث المتواتر كثيرة لا تنحصر في واحد، أو اثنين، أو سبعة.

وأما حديث الآحاد فهو يحكي عن علماء الحديث «القول بجواز العمل به» ولا ندري من الذي قال هذا القول؟! وقد رأيت فيما سبق أن من أنكر حُجِيَّةَ السُنّةِ كَغُلاَةِ الرَّوَافِضِ لا يرى العمل بها أصلاً إذا كانت مروية عن غير طريق أئمتهم ومن قال بحُجِيَّتِهَا وهم جمهور المُسْلِمِينَ، يوجبون العمل بحديث الآحاد قولاً واحداً إذا صح طريقه ومنهم من قال بوجوب اعتقاده أيضاًً، أي أنه يوجب العلم والعمل معاً، فما حكاه الأستاذ من جواز العمل به، إما أن يكون عن عدم اطلاع، فيلزمه الجهل، وهذا عجيب مِمَّنْ يتصدى لتاريخ الدعوة الإسلامية وحضارتها، ونقد العلماء والرجال، ويجعل من نفسه حُكْمًا بين الطوائف والمذاهب، وإما أن يكون عن معرفة، فيلزمه التحريف، ولا ثالث بينهما.

وهذا التحريف لا غاية له إلا التشكيك في السُنَّةِ كلها كما ذكرت لك من قبل، فإنه إذا كان المتواتر غير موجود، والآحاد «يجوز» العمل بها فماذا بقي مِنَ السُنَّةِ، وأين مكانها إذاً من مصادر التشريع؟ وما حاجة المُسْلِمِينَ إليها؟ فَكِّرْ في هذه النتيجة، ثم احكم بعد ذلك على هذا العالم الأمين؟؟؟ ....


(١) ص ٢٦٧.

<<  <   >  >>