للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَدِيثُ المُصَرَّاةِ - ليس من الباب في شيء» (١).

هذه هي عبارة شارح " المسلَّم "، ومنه تعلم أن الضمير في قوله، «قَالُوا: ... الخ» عائد إلى فخر الإسلام ومن وافقه، ولكن مؤلف " فجر الإسلام " اقتطع منه العبارة بنصها من كلام الشارح وجعل الضمير عائداً إلى الحَنَفِيَّةِ جميعاً، ونسب إليهم القول بعدم فقاهة أبي هريرة، بعد أن نسب إليهم تقديم القياس على الخبر. وأغضى النظر عن تعقيب الشارح له في نفيهم فقاهة أبي هريرة ... والمؤلف بين أمرين: إما أن يكون غير فاهم لكلام المصنف والشارح، ولا واقف على المذاهب في هذه المسالة. فخلط بين الأقوال، وأضاف قول فخر الإسلام وموافقيه إلى الحَنَفِيَّةِ جميعاً، وفهم عبارة الشارح على أنها قول الحَنَفِيَّةِ، ولم يفهم تعقيب الشارح بعد ذلك، وهذا بعيد عن فهم طالب مبتدىء، فكيف بمن كانت له مكانة الأستاذ أحمد أمين وشهرته العلمية. وإما أن يكون فاهماً للموضوع ولكنه تَعَمَّدَ الخبط والخلط في نسبة المذاهب إلى أربابها، ليحكم نسيج المؤامرة على أبي هريرة، ويحمل القارئ، على إساءة الظن به، وهذا ما يترجح لمن يريد أن يحسن الظن بعلم الأستاذ وفهمه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

٦ - اسْتِغْلاَلُ الوُضَّاعَ كَثْرَةَ حَدِيثِهِ:

وأما «أن الوُضَّاعَ قد استغلوا فرصة إكثاره فَزَوَّرُوا عليه أحاديث لا تُعَدُّ» (٢)، فهذا شيء لم يخص به أبو هريرة، بل إن عُمَرَ وَعَلِيًّا وعائشة وابن عباس وابن عمر وجابراً وأنساً كل هؤلاء وغيرهم كَذَبَ عَلَيْهِمْ الوَضَّاعُونَ، ونسبوا إليهم أحاديث كثيرة، فليس من ترجمتهم في شيء أن يقال عنهم: إن الوُضَّاعَ وضعوا عليهم أحاديث لا تعد، أجل لا يصح أن يذكر هذا في ترجمة صحابي أو تابعي فكيف ذكره في ترجمة أبي هريرة؟ ولِمَ خصَّهُ به دُونَ عائشة وعلي وعمر وغيرهم من كبار الرُواة من الصحابة؟ هنا تطل


(١) " شرح مسلّم الثبوت ": ٢/ ١٤٥ - ١٤٦.
(٢) " فجر الإسلام ": ص ٢٧٠.

<<  <   >  >>