للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَضَعْتُهُ هَا هُنَا - يَعْنِي فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ - إِنَّمَا وَضَعْتُ هَا هُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ (١).

قال الحافظ ابن كثير: «ثُمَّ إِنَّ البُخَارِي وَمُسْلَِمًا لَمْ يَلْتَزِمَا بِإِخْرَاجِ جَمِيعِ مَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الأَحَادِيثِ فَإِنَّهُمَا قَدْ صَحَّحَا أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابَيْهِمَا كَمَا يَنْقُلُ التِرْمِذِي عَنِ البُخَارِيِّ تَصْحِيحَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ (أَيْ: فِي الجَامِعِ الصَّحِيحِ) بَلْ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا» (٢).

قال الحافظ الحازمي في كتابه " شروط الأئمة الخمسة ": «وأما البخاري فلم يلتزم أن يخرج كل ما صح من الحديث، ويشهد لصحة ذلك ما أخبرنا به أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد قال: أنبأنا به طلحة في كتابه عن أبي [سعد] الماليني أنبأنا عبد الله بن عدي قال: حدَّثني محمد بن أحمد قال: سمعت محمد بن حمدويه يقول: سمعت محمد بن إسماعيل «يعني البخاري» يقول: «أَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفَ حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَأَحْفَظُ مِائَتَيْ أَلْفَ حَدِيثٍ غَيْرَ صَحِيحٍ». وذكر أيضاًً بسنده إلى البخاري أنه قال:: «لَمْ أُخْرِجْ فِي هَذَا الكِتَابِ إِلاَّ صَحِيحًا، وَمَا تَرَكْتُ مِنَ الصَحِيحِ أَكْثَر» (٣) اهـ.

فإذا كان العلماء يقرون أن البخاري لم يستوعب الصحيح في "جامعه"، وأنه يحفظ مائة ألف حديث صحيح، يكون ما نقله المولف عنهم نقلاً غير صحيح، هذا إذا عناهم بقوله: «قَالُوا» أما إذا كان يعني بهم عامة الناس والشائع على ألسنة الطلبة فذلك شيء آخر، إلا أن المقام مقام علم وتحقيق.


(١) " مقدمة علوم الحديث ": ص ١٠، وعبارة مسلم هذه في " صحيحه " ٢/ ١٥ في باب التشهد في الصلاة، بصدد حديث انتقد عليه تصحيحه إياه رغم أنه لم يودعه في " صحيحه " فأجاب بذلك.
(٢) " اختصار علوم الحديث ": ص ٩، ١٠.
(٣) " شروط الأئمة الخمسة " للحازمي: ص ٤٧ وهو المطبوع مع " شروط الأئمة الستة " للحافظ ابن طاهر المقدسي: ص ٤٧.

<<  <   >  >>