للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عذراً في عدم تعقبه له - إلا أن يكون متفقاً معه - على ما ذهب إليه في عدهما من الموضوعات، والحديثان صحيحان، خرَّجهُما أئمة الحديث.

أما الحديث الأول، فقد أخرجه البخاري من طريق ابن عباس وابن الزبير ورواه مسلم من طريق أبي سعيد وابن مسعود.

وأما الحديث الثاني، وهو «سَدُّ الأَبْوَابِ إِلاَّ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ» فقد رواه " البخاري " من طريق أبي سعيد وابن عباس، ورواه " مسلم " من طريق أبي سعيد وجندب وأُبَيْ بن كعب، وروى الحديثين - غير البخاري ومسلم - مالك والترمذي والطبراني وأحمد وابن عساكر وابن حبان وغيرهم.

أما " حَدِيثُ الإِخَاءِ " الذي زعمته الشِيعَةُ من أن النَّبِيّآخى بينه وبين عَلِيٍّ فلم يصح من طريق يوثق به، ولم يخرجه كتاب من كتب السُنّةِ المعتمدة، ولا رواه من يُوثَقُ به، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْضُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، لاَ يَرْتَابُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَوَاضِعُهُ جَاهِلٌ [كَذَبَ] كَذِبًا ظَاهِرًا مَكْشُوفًا» (١).

وأما حديث " سَدَّ الأَبْوَابِ " الذي يرويه الشِيعَةُ ويستثنون منه باب عَلِيٍّ، فقد ذكر أكثر النُقَادِ أنه حديث موضوع، حكم بذلك ابن الجوزي والعراقي وابن تيمية وغيرهم، وعلى فرض صحته فقد أجاب عنه العلماء بما ذكره ابن حجر في " فتح الباري ": «من أن النَّبِيّ- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَرَ أَوَلاًً بِسَدِّ الأَبْوَابِ إِلاَّ بَابَ عَلِيٍّ، فَلَمَّا سَدُّوهَا أَحْدَثُوا خَوْخًا يَسْتَقْرِبُونَ الدُّخُولَ مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِدَ، فَأَمَرَ بِسَدِّهَا إِلاَّ خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ، وحمل الباب الوارد في بعض الروايات في حق أَبِي بَكْرٍ على الخَوْخَةِ، تَمَشِّيًا مع بعض الروايات الأخرى»، ثم قال: «فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لاَ بَأْسَ بِهَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَبِهَا جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي " مُشْكِلِ الآثَارِ " ... وَأَبُو بَكْرٍ الْكَلاَبَاذِيُّ فِي" مَعَانِي الأَخْبَارِ " وَصَرَّحَ بِأَنَّ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ لَهُ بَابٌ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ وَخَوْخَةٌ إِلَى دَاخِلِ الْمَسْجِدِ. وَبَيْتُ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ إِلاَّ مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ». اهـ.


(١) " منهاج السُنّة ": ٤/ ٩٦.

<<  <   >  >>