للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا ثانياً: إنَّ النصوص الواردة في القرآن الدالة على وجوب اتباع الرسول وطاعته فيما يأمر وينهى لا تفرق بين السُنَّةِ المُبَيِّنَةِ أو المؤكدة أو المستقلة، إِنَّ في بعضها ما يفيد هذا الاستقلال مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (١). وَالرَدُّ إلى الله هُوَ الرَدُّ إلى الكتاب، وَالرَدُّ إلى الرسول، هُوَ الرَدُّ إلىَ سُنَّتِهِ بعد وفاته.

وقال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} (٢) وسائر ما قرن فيه طاعة الرسول بطاعة الله فهو دال على طاعة الله ما أمر به ونهى عنه في كتابه، وطاعة الرسول ما أمر به ونهى عنه مِمَّا جاء به مِمَّا ليس في القراَن، إذ لو كان في القرآن لكان من طاعة الله.

وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} (٣) الآية. فقد اخْتَصَّ الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - بشيء يطاع فيه، وذلك السُنَّةُ التي لم تأت في القرآن.

وقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٤)

وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٥)

وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٦). والآية نزلت في قضاء رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للزبير بِالسَقْيِِ قبل الأنصاري من شراج الحرة، وليس هذا الحكم في كتاب الله تعالى.

وهكذا كل أدلة القرآن تدل على أن ما جاء به الرسول، وكل ما أمر به ونهى عنه، فهو لاحق في الحكم بما جاء في القراَن فلا بد أن يكون


(١) [سورة النساء، الآية: ٥٩].
(٢) [سورة المائدة، الآية: ٩٢].
(٣) [سورة النور، الآية: ٦٣].
(٤) [سورة النساء، الآية: ٨٠].
(٥) [سورة الحشر، الآية: ٧].
(٦) [سورة النساء، الآية: ٦٥].

<<  <   >  >>