للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستشهد أَهْلُ السُنَّةِ لما وضعته الرَّافِضَةُ من الأحاديث بِحَدِيثِ «الوَصِيَّةِ فِي غَدِيرِ خُمْ» وخلاصته أن النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في رجوعه من حَجَّةِ الوداع جمع الصحابة في مكان يقال له «غَدِيرُ خُمْ» وأخذ بيد عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ووقف به على الصحابة جميعاً وهم يشهدون وقال: «هَذَا وَصِيِّي وَأَخِي وَالخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوْا». قال أَهْلُ السُنَّةِ: إنه حديث مكذوب بلا شك، وضعته الرَّافِضَةُ وسيأتي بيان كذبه، ومن ذلك: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ وَإِلَىَ نُوحٍ فِي تَقْوَاهُ، وَإِلَى إِبْرَاهِيمَ فِي حِلْمِهِ وَإِلَى مُوسَى فِي هَيْبَتِهِ وَإِلَى عِيسَى فِي عِبَادَتِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَىَ عَلِيٍّ» وَ «أَنَا مِيزَانُ العِلْمِ، وَعَلِيٌّ كَفَّتَاهُ، وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ خُيُوطُهُ، وَفَاطِمَةُ عَلاَقَتَهُ، وَالأَئِمَّةُ مِنَّا عَمُودٌ تُوزَنُ فِيهِ أَعْمَالُ المُحِبِّينَ لَنَا وَالمُبْغِضِينَ لَنَا». وَ «حُبُّ عَلَيٍّ حَسَنَةً لاَ يَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ، وَبُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لاَ يَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ» وَمِثْلِ مَا وَضَعُوا فِي حَقِّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - «لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبيِّ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِسَفَرْجَلَةٍ مِنَ الجَنَّةِ فَأَكَلَهَا، فَعَلِقَتْ السَيِّدَةُ خَدِيجَةَ بِفَاطِمَةَ، فَكَانَ إِذَا اشْتَاقَ إِلَى رَائِحَةِ الجَنَّةِ شَمَّ فَاطِمَةَ». وأمارات الوضع ظاهرة على هذا الخبر، فإن فاطمة ولدت قبل الإسراء، كما أن خديجة ماتت قبل أن تُفْرَضَ الصلاة، وقد كان فَرْضُهَا ليلة الإسراء بالإجماع.

وكما وضعوا الأحاديث في فضل عَلِيٍّ وآل البيت، وضعوا الأحاديث في ذم الصحابة وخاصة الشيخين وكبار الصحابة، حتى قال ابن أبي الحديد: «فَأَمَّا الأُمُوْرُ المُسْتَبْشَعَةُ التِي تَذْكُرُهَا الشِّيعَةُ مِنْ إِرْسَالِ قُنْفُذٍ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ وَأَنَّهُ ضَرَبَهَا بِالسَّوْطِ فَصَارَ فِي عَضُدِهَا كَالَدُّمْلَجِ، وَأَنَّ عُمَرَ ضَغَطَهَا بَيْنَ البَابِ وَالجِدَارِ، فَصَاحَتْ: " يَا أَبَتَاهُ " وَجَعَلَ فِي عُنُقِ عَلِيٍّ حَبْلاً يُقَادُ بِهِ، وَفَاطِمَةَ خَلْفَهُ تَصْرُخُ، وَابْنَاهُ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يَبْكِيَانِ»، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي ذِكْرِ كَثِيرٍ مِنَ المَثَالِبِ، ثُمَّ قَالَ: «فَكُلُّ ذَلِكَ لاَ أَصْلَ لَهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَلاَ يُثْبِتُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلاَ رَوَاهُ أَهْلُ الحَدِيثِ وَلاَ يَعْرِفُونَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ تَنْفَرِدُ الشِّيعَةُ بِنَقْلِهِ (١) وَكَذَلِكَ وَضَعُوا الأَحَادِيثَ فِي ذَمِّ


(١) " شرح نهج البلاغة ": ١/ ١٣٥ هذا مع العلم بأن ابن أبي الحديد شيعي معتزلي.

<<  <   >  >>