للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى الرغم من كون المعنى معروفا في الدلالة العربية، غير أن الصّيغة الجديدة جاءت مناسبة للمعنى الديني الجديد على المفاهيم العربية، وكلّها صفات أو أسماء ليوم القيامة، ويقول قطب عن الحاقّة: «الرّنّة المدوّية في القاف، والهاء الساكنة بعدها سواء أكانت تاء مربوطة يوقف عليها بالسّكون، أو هاء للسّكت مزيدة لتنسيق الإيقاع» «١».

ونفهم منه أنّه لم ينتبه إلى جمال المدّ، وشغل بالدّويّ الذي يعبّر به عن الشدة على القاف، والمعروف في فقه اللغة أنه يوجد تماد في المدّ هنا، لوجود الشّدة على القاف، وهو في علم التجويد «مد لازم مثقّل» يمدّ بست حركات.

وفي هذا يقول ابن جني: «فحينئذ ينهضون بالألف بقوة الاعتماد إليها، فيجعلون طولها ووفاء الصوت بها عوضا مما كان يجب لالتقاء الساكنين من تحريكها، إذا لم يجدوا عليه تطرّقا، ولا بالاستراحة إليه تعلّقا، وذلك نحو شابّة ودابّة» «٢».

وقد اقتبسنا قول ابن جني متخذين من جمال المدّ هنا شاهدا أو نموذجا، فيمكن أن يستعين الدارس بمعطيات هذا العلم، وبالتجويد كما سيمرّ بنا، ولا شكّ أن جماليات المدود منثورة في كلمات القرآن بكثرة، وتحتاج إلى مثل هذه المنهجية.

كذلك وقف محمد المبارك في دراسته الأدبية للقرآن على هذه المفردات الجديدة، وتحدث عن جدتها، ولفت النظر إلى جمال المد فيها قائلا عن أوائل سورة الحاقّة:

«تتكرر فيها كلمة «الحاقة»، وهي الكلمة الجديدة التي تعبّر هنا عن يوم القيامة والحساب، وتتكرر فيها هذه القاف المشدّدة التي تقرع السمع قرعا، والمسبوقة بالمدّ الطويل الممهّد لها، والمبرز لشدّتها، والمختومة بالهاء التي تنطفئ عندها شدّتها» «٣».


(١) في ظلال القرآن، مج/ ٦، ص/ ٣٦٧٦.
(٢) ابن جنّي، أبو الفتح عثمان، ١٩٨٢، الخصائص، تح د. محمد علي النجار، ط/ ١، دار الهدى، بيروت: ٣/ ١٢٦.
(٣) المبارك، د. محمد، دراسات أدبية لنصوص من القرآن، ص/ ٣٠.

<<  <   >  >>